للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - وَصيةُ المُكرهِ:

اشتَرطَ عامَّةُ الفُقهاءِ في المُوصي أنْ يَكونَ مُختارًا فإنْ أُكرهَ على الوَصيةِ لم تَصحَّ؛ لأنَّ الوَصيةَ إِيجابُ مِلكٍ فلا بُدَّ فيه من الرِّضا والاختيارِ كإِيجابِ المِلكِ في سائِرِ الأَشياءِ، ولأنَّها عَقدُ تَبرعٍ فيُشتَرطُ لها الرِّضا كسائِرِ التَّبرعاتِ.

قالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ: ومنها رِضا المُوصي؛ لأنَّها إِيجابُ مِلكٍ أو ما يَتعلَّقُ بالمِلكِ فلا بُدَّ فيه من الرِّضا كإِيجابِ المِلكِ بسائِرِ الأَشياءِ، فلا تَصحُّ وَصيةُ الهازِلِ والمُكرهِ والخاطِئِ؛ لأنَّ هذه العَوارضَ تُفوِّتُ الرِّضا (١).

وقالَ الإِمامُ بُرهانُ الدِّينِ بنُ مازةَ الحَنفيُّ: ولا بُدَّ من ذِكرِ الطَّواعيةِ؛ فإنَّ وَصيةَ المُكرهِ لا تَصحُّ (٢).

وجاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: (قُلتُ): ولا يَجوزُ على المُستكرَهِ شَيءٌ من الأَشياءِ في قَولِ مالِكٍ، لا عِتقٌ ولا بَيعٌ ولا شِراءٌ ولا نِكاحٌ ولا وَصيةٌ ولا غيرُ ذلك. (قالَ): قالَ مالِكٌ: لا يَجوزُ على المُستكرَهِ شَيءٌ من الأَشياءِ لا عِتقٌ ولا طَلاقٌ ولا نِكاحٌ ولا بَيعٌ ولا شِراءٌ، وأمَّا الوَصيةُ فلم أسمَعْها من مالِكٍ، وهي لا تَجوزُ وَصيةُ المُستكرَهِ (٣).

وقالَ الدَّميريُّ الشافِعيُّ: قالَ: (وتَصحُّ وَصيةُ كلِّ مُكلَّفٍ حُرٍّ) بالإِجماعِ؛


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٥).
(٢) «المحيط البرهاني» (١١/ ١).
(٣) «المدونة الكبرى» (٧/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>