للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في وجهٍ والقاضِي مِنْ الحَنابِلةِ إلى أنَّ الوَديعةَ لا تَنفسِخُ بالقولِ مِنْ المُستودَعِ.

قالَ الشافِعيةُ في هذا الوجهِ: إذا عزَلَ المُستودَعُ نفسَه فلا يَنعزِلُ؛ لأنَّ ابتِداءَه بالفعلِ، فكذا رَفعَه، كما لو أذِنَ للضَّيفانِ في أكلِ طَعامِه فقالَ بعضُهم: «عزَلتُ نفسِي»، يَلغو قولُه، وله الأَكلُ بالإِذنِ السابقِ، فعلى هذا تَبقى الوَديعةُ بحالِها (١).

وقالَ القاضِي : الوَديعةُ لا يَلحقُها الفَسخُ بالقَولِ، وإنما تَنفسِخُ بالردِّ إلى صاحبِها، أو بأنْ يَتعدَّى المُودَعُ فيها (٢).

الوَديعةُ إذا كانَت بأُجرةٍ:

نصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ على أنَّ الوَديعةَ إذا كانَت بأُجرةٍ فإنَّها تُصبِحُ لَازمةً وتَكونُ إِجارةً، والإِجارةُ لَازمةٌ، ولا يَجوزُ للمُستودَعِ ردُّ الوَديعةِ إلا برِضا المالكِ؛ لأنَّ الإِجارةَ عَقدٌ لازمٌ لا يَجوزُ فسخُه إلا برِضا الطَّرفينِ.

قال الحَنفيةُ: عَقدُ الإِيداعِ يَكونُ لازمًا في مَسألةٍ واحدةٍ، وهي: إذا كانَ الحِفظُ في مُقابلةِ أُجرةٍ، فحيثُ إنَّ عَقدَ الوَديعةِ هذا عَقدُ حِفظٍ وفيه المُستودَعُ أَجيرٌ مُشتَرَكٌ فيَصيرُ العَقدُ المَذكورُ عَقدَ إِجارةٍ، وليسَ لأَحدِ


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٥٧٧)، و «الأشباه والنظائر للسبكي» (١/ ٣٨١).
(٢) «الإنصاف» (٦/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>