للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنابِلةُ: ما صَحَّ بَيعُه من الأَعيانِ صحَّت هِبتُه؛ لأنَّها تَمليكٌ في الحَياةِ فتَصحُّ فيما يَصحُّ فيه البَيعُ، وما لا يَصحُّ بَيعُه لا تَصحُّ هِبتُه (١).

وقالَ الحَنفيةُ: يُشترطُ في المَوهوبِ أنْ يَكونَ مالًا مُتقوَّمًا فلا تَجوزُ هِبةُ ما ليسَ بمالٍ أصلًا، كالمَيتةِ والدَّمِ وصَيدِ الحُرمِ والإِحرامِ والخِنزيرِ وغيرِ ذلك على ما ذُكرَ في البُيوعِ، ولا هِبةُ ما ليسَ بمالٍ مُطلقًا كأُمِّ الوَلدِ والمُدبِرِ المُطلقِ والمُكاتَبِ؛ لكَونِهم أَحرارًا من وَجهٍ، ولهذا لم يَجزْ بَيعُ هؤلاء، ولا هِبةُ ما ليسَ بمُتقوَّمٍ كالخَمرِ، ولهذا لم يَجزْ بَيعُها (٢).

وقد اشترَطَ الفُقهاءُ أيضًا بعضَ الشُّروطِ في الشَّيءِ المَوهوبِ، وبَيانُها على هذا التَّفصيلِ:

الشَّرطُ الأولُ: أنْ يَكونَ الشَّيءُ المَوهوبُ مَوجودًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المَوهوبِ هل يُشترطُ أنْ يَكونَ مَوجودًا وَقتَ الهِبةِ أو لا يُشترطُ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يُشترطُ لصِحةِ الهِبةِ أنْ يَكونَ المَوهوبُ مَوجودًا حالَ الهِبةِ؛ لأنَّه تَمليكٌ في الحالِ، وعليه لا يَصحُّ هِبةُ المَعدومِ وهو ما ليسَ مَوجودًا وَقتَ الهِبةِ، كما لو وهَبَه


(١) «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٠١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٩)، و «الروض المربع» (٢/ ١٨٧).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ١١٩)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٧٤)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>