قالَ الإمامُ القَرافِيُّ ﵀: المَسألةُ الثانيةُ: الوَقفُ هل يَفتقرُ إلى القَبولِ أو لا؟ خِلافٌ في المَذهبِ وبينَ العُلماءِ.
ومَنشأُ الخِلافِ: هلِ الواقِفُ أسقَطَ حقَّه مِنْ المَنافعِ في المَوقوفِ فيَكونُ ذلكَ كالعِتقِ؟ أو هو تَمليكٌ لمَنافعِ العَينِ المَوقوفةِ للمَوقوفِ عليهِ فيَفتقرُ إلى القَبولِ كالبَيعِ والهِبةِ؟ وهذا إذا كانَ المَوقوفُ عليه مُعيَّنًا، أمَّا غيرُ المُعيَّنِ فلا يُشترطُ قَبولُه؛ لتَعذُّرِ هذا في مَنافعِ المَوقوفِ، أمَّا أصلُ مِلكِه فهل يَسقطُ؟ أو هو باقٍ على مِلكِ الواقفِ وهو ظاهِرُ المذهبِ؟ لأنَّ مالِكًا ﵀ أوجَبَ الزكاةَ في الحائِطِ المَوقوفِ على غيرِ المُعيَّنِ نحو الفُقراءِ والمَساكينِ إذا كانَ خَمسةَ أوسُقٍ؛ بِناءً على أنه مِلكُ الواقفِ فيُزكِّي على مِلكِه.
وأمَّا الحائِطُ على المُعيَّنينَ فيُشترطُ في حِصَّةِ كلِّ واحِدٍ منهم خَمسةُ أوسُقٍ، واتَّفقَ العُلماءُ في المَساجدِ أنها مِنْ بابِ الإسقاطِ، والعِتقُ لا مِلكَ لأحَدٍ فيها؛ ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)﴾ [الجن: ١٨]، ولأنها تُقامُ فيها الجَماعاتُ والجُمعةُ، والجُمعةُ لا تُقامُ في المَملوكاتِ، لا سِيَّما على