للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - آدابُه وأَخلاقُه:

قالَ الخَلالُ: حَدَّثنا ابنُ الحُسينِ أنَّ أَبا بَكرٍ المَروَزيَّ حَدَّثهم عن آدابِ أَبي عبدِ اللهِ، قالَ: كانَ أَبو عبدِ اللهِ لا يَجهلُ، وإنْ جُهلَ عليه حلَمَ، واحتمَلَ، ويَقولُ: يَكفي اللهُ، ولم يَكُنْ بالحَقودِ، ولا العَجولِ، كانَ كَثيرَ التَّواضعِ، حَسنَ الخُلقِ، دائِمَ البِشرِ، لَيِّنَ الجانِبِ، ليسَ بفَظٍّ، يُحبُّ في اللهِ، ويُبغِضُ في اللهِ، وإذا كانَ في أمرٍ من الدِّينِ، اشتَدَّ له غَضبُه، وكانَ يَحتمِلُ الأَذى من الجِيرانِ (١).

وعن أَبي داودَ السِّجِستانِيِّ قالَ: لم يَكُنْ أَحمدُ بنُ حَنبلٍ يَخوضُ في شَيءٍ مما يَخوضُ فيه الناسُ من أمرِ الدُّنيا، فإذا ذُكرَ العِلمُ تكلَّمَ.

وقالَ: مُجالسةُ أَحمدَ بنِ حَنبلٍ مُجالسةُ الآخِرةِ، لا يُذكرُ فيها شَيءٌ من أمرِ الدُّنيا، ما رَأيتُ أَحمدَ بنَ حَنبلٍ ذكَرَ الدُّنيا قَطُّ (٢).

وعن أبي الحُسينِ بنِ المُنادي قالَ: سمِعتُ جَدِّي يَقولُ: كانَ أَحمدُ من خيارِ الناسِ، وأكرَمِهم نَفسًا، وأحسَنِهم عِشرةً وأدَبًا، كَثيرَ الإِطراقِ والغَضِّ، مُعرِضًا عن القَبيحِ، واللَّغوِ، ولا يُسمعُ منه إلا المُذاكرةُ بالحَديثِ، وذِكرُ الصالِحينَ والزُّهادِ، عن وَقارٍ وسُكونٍ، ولَفظٍ حَسنٍ، وإذا لَقيَه إِنسانٌ بَشُرَ به، وأقبَلَ عليه، وكان يَتواضَعُ للشُّيوخِ تَواضُعًا شَديدًا، وكانوا يُكرِمونَه ويُعظِّمونَه، وكانَ يَفعلُ بيَحيى بنِ مَعينٍ ما لم يَفعَلْه بغيرِه من التَّواضعِ


(١) «سير أعلام النبلاء» (١١/ ٢٢١).
(٢) «المنهج الأحمد» (١/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>