للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابِعًا: ألاَّ يَكونَ مُرتدًّا:

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على عَدمِ صِحةِ الهِبةِ من المُرتدِّ؛ لأنَّ المُرتدَّ مَحجورٌ عليه في مالِه عندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ تَرِكتَه فَيءٌ للمُسلِمينَ، ورُبَّما تصرَّفَ فيها تَصرُّفًا يَقصدُ به إِتلافَها ليُفوِّتَها عليهم (١).

ونَصَّ الحَنفيةُ على أنَّ تَصرفاتِ المُرتدِّ من بَيعٍ وهِبةٍ وغيرِهما صَحيحةٌ قبلَ لُحوقِه بدارِ الحَربِ، ويَجوزُ له التَّعويضُ عنها، قالوا: مُسلمٌ وهَبَ لمُرتدٍّ هِبةً فعوَّضَه منها المُرتدُّ ثم قُتلَ أو لحِقَ بدارِ الحَربِ، جازَت الهِبةُ ولم يَجزْ تَعويضُه عندَ أَبي حَنيفةَ، وفي قَولِ أَبي يُوسفَ ومُحمدٍ تَعويضُه صَحيحٌ كسائِرِ تَصرفاتِه، إلا أنَّه عندَ أَبي يُوسفَ يَكونُ من جَميعِ مالِه، وعندَ مُحمدٍ من ثُلثِه بمَنزلةِ سائِرِ تَصرفاتِ المُرتدِّ على وَجهِ التَّبرعِ؛ فإنْ كانَ المُرتدُّ هو الواهِبَ وقد عوَّضَه المَوهوبُ له مِنْ هِبتِه ثم قُتلَ أو لحِقَ بدارِ الحَربِ يَردُّ هِبتَه إلى وَرثتِه، ويَردُّ عِوضَه إلى صاحِبِه إنْ كانَ قائِمًا، وإنْ كانَ قد استَهلكَه كانَ ذلك دَينًا في مالِ المُرتدِّ، سَواءٌ كانَ الآخَرُ علِمَ بارتِدادِه أو لم يَعلمْ (٢).


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٩١)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٣٢)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٠٣)، و «البيان» (٦/ ٢٣٧)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٩٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٠٨)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤٠٦)، و «المغني» (٤/ ٣٠٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤٨٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٣٨)، و «منار السبيل» (٢/ ١٤٠).
(٢) «المبسوط» (١٢/ ١٠٧)، و «الهندية» (٤/ ٤٠٥)، و «ابن عابدين» (٨/ ٥١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>