اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يُشترطُ في المَسروقِ منه أنْ يَكونَ مَعصومَ المالِ كالمُسلمِ والذِّميِّ، فالمُسلمُ إذا سُرِقَ منه مالٌ أو الذِّميُّ إذا سُرقَ منهُ مالٌ وجَبَ على سارقِه القَطعُ إذا بلَغَ ما سرَقَ نِصابًا بشُروطِه كما تقدَّمَ في الرُّكنِ الأولِ مُفصَّلًا.
واتَّفقُوا على عَدمِ إقامةِ الحدِّ على مَنْ سرَقَ مالَ الكافرِ الحَربيِّ؛ لأنَّ مالَه هَدرٌ، سَواءٌ سرَقَه مُسلمٌ أو ذِميٌّ.
إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في المُسلمِ أو الذِّميِّ إذا سرَقَ مِنْ المُعاهدِ والمُستأمنِ، هل تُقطَعُ يَدُه أم لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ وأشهَبُ مِنْ المالِكيةِ إلى أنه لا يُقطَعُ به (١).
قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ ﵀: وأمَّا مالُ الحَربيِّ المُستأمنِ في دارِ الإسلامِ فلا قطْعَ فيهِ استِحسانًا، والقياسُ أنْ يُقطَعَ.
وَجهُ القِياسِ أنه سرَقَ مالًا مَعصومًا؛ لأنَّ الحَربيَّ استَفادَ العِصمةَ بالأمانِ بمَنزلةِ الذِّميِّ، ولهذا كانَ مَضمونًا بالإتلافِ كَمالِ الذميِّ.
(١) «روضة الطالبين» (٦/ ٥٧٩)، و «الذخيرة» (٣/ ٤٤٧)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٨٥).