للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنِ انهزَموا إلى فئة ومَددٍ ليَستغيثُوا بهم .. ففيهِ وَجهانِ:

أحَدُهما -وهو قَولُ أبي حَنيفةَ واختِيارُ أبي إسحاقَ المَروَزيِّ-: (أنهُم يُتبعونَ ويُقتلونَ)؛ لأنهم إذا لم يُتبَعوا .. لم يُؤمَنْ أنْ يَعودُوا على أهلِ العَدلِ، فيُقاتِلوهم ويَظفَروا بهم.

والثَّاني -وهو ظاهِرُ النصِّ-: أنه لا يَجوزُ أنْ يُتبَعوا ويُقاتَلوا؛ لعُمومِ الخبَرِ، ولأنَّ دفْعَهم وكفَّهُم قد حصَلَ، وما يُخافُ مِنْ رُجوعِهم لا يُوجِبُ قتالَهم كما لو تَفرَّقوا.

وإنْ حضَرَ معَهم مَنْ لا يُقاتلُ ففيهِ وَجهانِ:

أحَدُهما: لا يَجوزُ قَتلُه؛ لأنَّ قِتالَهم للكَفِّ، وقد كَفَّ نفسَه.

والثَّاني: يَجوزُ قَصدُ قَتلِه؛ لأنَّ عليًّا وأرضاهُ نَهاهُم عن قَصدِ قتلِ مُحمدِ بنِ طَلحةَ السجَّادِ وأرضاهُما، فقتَلَه رَجلٌ، ولم يُنكِرْ عليٌّ وأرضاهُ قتْلَه، ولأنه صارَ رِدءًا لهُم (١).

حُكمُ سَبيِ البُغاةِ واغتِنامِ أموالِهم:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ أموالَ البُغاةِ لا تُغنَمُ ولا تُقسمُ، وإنما تُرَدُّ إليهم.

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أما غَنيمةُ أموالِهم وسَبيُ ذُرِّيتِهم فلا نَعلمُ في تَحريمِه بينَ أهلِ العِلمِ خِلافًا؛ لأنُهم مَعصومونَ، وإنما أبيحَ مِنْ


(١) «البيان» (١٢/ ٢٢، ٢٣)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٤٨١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٠٨)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>