للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرعٌ: بَيعُ الخَمرِ وسائِرِ أنواعِ التَّصرُّفِ فيها حَرامٌ على أهلِ الذِّمَّةِ، كما هو حَرامٌ على المُسلِمِ، هذا مَذهبُنا، وقالَ أبو حَنيفةَ: لا يَحرُمُ ذلك عليهم، قالَ المُتَوَلِّي: المَسألةُ مَبنيَّةٌ على أصْلٍ مَعروفٍ في الأُصولِ، وهو أنَّ الكافِرَ عندَنا مُخاطَبٌ بفُروعِ الشَّرعِ، وعندَهم ليسَ بمُخاطَبٍ، وقد سَبَقتْ هذه المَسألةُ في بابِ إزالةِ النَّجاسةِ (١).

وكَلامُ المالِكيَّةِ والحَنابِلةِ أيضًا يَدلُّ على عَدَمِ صِحَّةِ بَيعِ الخَمرِ على أهلِ الذِّمَّةِ كالمُسلِمينَ (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وما حُرِّمَ بَيعُه لا لِحُرمَتِه، لَم تَجِبْ قِيمَتُه، كالمَيْتةِ، ولأنَّ ما لَم يَكُنْ مَضمونًا في حَقِّ المُسلِمِ لَم يَكُنْ مَضمونًا في حَقِّ الذِّمِّيِّ، كالمُرتَدِّ، ولأنَّها غيرُ مُتقوَّمةٌ، فلا تُضمَنُ، كالمَيْتةِ، ودَليلُ أنَّها غيرُ مُتقوَّمةٍ في حَقِّ المُسلِمِ فكذلك في حَقِّ الذِّمِّيِّ؛ أنَّ تَحريمَها ثبَت في حَقِّهما، وخِطابُ النَّواهي يَتوَجَّهُ إلَيهما؛ فما ثبَت في حَقِّ أحَدِهما ثبَت في حَقِّ الآخَرِ (٣).

ضَمانُ إتلافِ الخَمرِ والخِنزيرِ:

إذا أُتلِفَ الخَمرُ والخِنزيرُ لِمُسلِمٍ فلا ضَمانَ، اتِّفاقًا، سَواءٌ كانَ المُتلِفُ مُسلِمًا أو ذِمِّيًّا؛ لعَدمِ تَقوُّمِهما في حَقِّ المُسلِمينَ.


(١) «المجموع» (٩/ ٢١٤).
(٢) «الجامع لمسائل المدونة» (١٣/ ١٠٠٤)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٧).
(٣) «المغني» (٥/ ١٧٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>