للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الثَّاني: القابِلُ: الملتَزِمُ للعِوضِ (المختَلِعُ):

القابِلُ: هو باذِلُ المالِ في مقابَلةِ البُضعِ، ويُسمَّى قابِلًا؛ لأنَّه في منزِلةِ المُشتري.

ويُشتَرطُ في قابلِ الخُلعِ مِنْ زَوجةٍ أو غَيرِها أنْ يكونَ أهلًا للتَّصُّرفِ في المالِ بأنْ يكونَ مكلَّفًا رَشيدًا، فلا يَصحُّ مِنْ سَفيهٍ أو صَغيرٍ.

قالَ الحنفيَّةُ: لو خالَعَ امرأتَه الصَّغيرةَ على مَهرِها فقَبلَتْ أو قالَتِ الصَّغيرةُ لزَوجِها: «اخلَعْنِي على مَهرِي» ففعَلَ وقَعَ الطَّلاقُ بغيرِ بدَلٍ (١).

وقالَ المالكيَّةُ: فإنْ بذَلَه غَيرُ رَشيدٍ رَدَّ الزَّوجُ المالَ المبذُولَ وبانَتْ منه، ما لَم يعلِّقْ بك: «إنْ تَمَّ لي هذا المالُ فأنتِ طالِقٌ، أو: إنْ صحَّتْ براءَتُكِ فطالِقٌ»، فإذا رَدَّ الولِيُّ أو الحاكمُ المالَ مِنَ الزَّوجِ لم يقَعْ طلاقٌ، بخِلافِ ما إذا قالَهُ لرَشيدةٍ أو رشَيدٍ أو قالَهُ بعْدَ صُدورِ الطَّلاقِ فلا ينفَعُه (٢).

وقالَ الشَّافعيةُ: إذا قالَ لزَوجتِه المَحجورِ عليها لسَفهٍ: «خالَعتُكِ، أو طلَّقتُكِ على ألفٍ» فقَبلَتْ وقَعَ الطَّلاقُ رَجعيًّا، سَواءٌ فعَلَتْ ذلكَ بإذنِ الوليِّ أم بغيرِ إذنِه، ولا يَلزمُها المالُ، وليسَ للوليِّ صَرفُ مالِها في الخُلعِ، فإنْ لم تَقبلْ لم يقَعِ الطَّلاقُ؛ لأنَّ الصِّيغةَ تَقتضي القَبولَ، فأشبَهَ الطَّلاقَ المُعلَّقَ على صِفةٍ.


(١) «العناية» (٥/ ٤٩٧).
(٢) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٢٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>