للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَرَكَتُه لِلبَهائِمِ مِنْ الخَيلِ والحَميرِ وغَيرها، كَما رُوَيَ «أنَّه ضَرَبَ فرَسًا بسَوطٍ، فكَانَ لا يُسبَقُ بعدَ ذلك، بعدَ أنْ كانَ بَطيءَ الحَرَكةِ» (١)، وَحِمارُه كانَ يَذهَبُ إلى بُيوتِ أصحابِه يَستَدعيهم إليه بنَطحِ رَأْسِه البابَ، ورُوِيَ غيرُ ذلك مِنْ بَرَكاتِه ، كَما هو مَروِيٌّ في مُعجِزاتِه وكَراماتِه ، وهذه المَسألةُ وإنْ كانَتْ مُختَلفًا فيها يَنبَغي لِلإنسانِ ألَّا يُهمِلَها؛ فلَعَلَّ الحَقَّ هو الوُصولُ إلى المَوتَى؛ فإنَّ هذه أُمورٌ مُغَيَّبةٌ عَنَّا، وليسَ الخِلافُ في حُكمٍ شَرعيٍّ؛ إنَّما هو في أمرٍ واقِعٍ، هَلْ هو كذلك أو لا، وكذلك التَّهليلُ الذي يَعمَلُه النَّاسُ اليَومَ عادةً يَنبَغي أنْ يُعمَلَ ويُعتَمدَ في ذلك على فَضلِ اللَّهِ تَعالى، وما يُيَسِّرُه، ويُلتَمَسُ فَضلُ اللَّهِ بكلِّ سَبَبٍ مُمكِنٍ، ومِنَ اللَّهِ الجُودُ والإحسانُ، هذا هو اللَّائِقُ بالعَبدِ (٢).

المَسألةُ الثَّالثةُ: أخْذُ الأُجرةِ على تَعليمِ العِلْمِ والفِقهِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ جَوازِ أُخِذَ الأُجرةِ على تَعليمِ الفِقهِ، هَلْ يَجوزُ أو لا؟ عَلَى ثَلاثةِ أقوالٍ، كما يلي: الكَراهةُ، والمَنعُ، والجَوازُ.

قالَ المالِكيةُ في المَشهورِ: تُكرَهُ الإجارةُ على تَعليمِ الفِقهِ ونَحوِه مِنْ العُلومِ؛ كالنَّحوِ والأُصولِ والفَرائِضِ؛ مَخافةَ أنْ يَقِلَّ طَلَبُ العِلمِ الشَّرعيِّ، والمَطلوبُ كَثرةُ طَلَبِه، ولأنَّ الإجارةَ على تَعليمِه خِلافُ ما عليه السَّلفُ الصَّالِحُ، بخِلافِ القُرآنِ؛ فإنَّه تَجوزُ الإجارةُ على تَعليمِه؛ لِرَغبةِ النَّاسِ في


(١) رواه النسائي في «الكبرى» (٨٨١٨).
(٢) «الفروق» (٣/ ٣٤٢، ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>