ثم تَقديرُ المَنفَعةِ يَختَلِفُ باختِلافِ نَوعِها:
فَمِنها ما يُقدَّرُ بالزَمنِ، ومِنها ما يُقدَّرُ بالعَملِ، ومِنها ما يَصحُّ فيه الأمرانِ:
أ- فما تُقدَّرُ فيه المَنافِعُ بالزَمنِ مع الجَهلِ بقَدْرِ العَملِ ضابِطُه هو: كلُّ مَنفَعةٍ لا يُمكِنُ ضَبطُها بغَيرِها، وتقِلُّ وتَكثُرُ، أو تَطولُ وتَقصُرُ، كَإجارةِ الدُّورِ لِلسُّكنَى، فإنَّ سُكنَى الدَّارِ تَطولُ وتَقصُرُ، وكالإجارةِ لِلإرضاعِ، فإنَّ ما يَشرَبُه الرَّضيعُ مِنْ اللَّبنِ يَقِلُّ ويَكثُرُ، وكالإجارةِ لِتَطيينِ جِدارٍ، فإنَّ التَّطيينَ لا يَنضَبِطُ رِقَّةً وسَماكةً.
فَمِثلُ هذه المَنافِعِ لا يُمكِنُ تَقديرُها بغَيرِ الزَمنِ؛ لأنَّ تَحصيلَها لا يَنضَبِطُ بغَيرِ ذلك. ولِهَذا جاءَ على لِسانِ شُعَيبٍ ﵇: ﴿عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ﴾ [القصص: ٢٧]؛ فقد قدَّرَ مَنفَعةَ استِئجارِ موسى ﵇ بالزَمنِ، وإنَّما استَأْجَرَه لِلرَّعْيِ ونَحوِه، والرَّعيُ مِنْ هذا النوعِ مِنْ المَنافِعِ.
مُدةُ زَمنِ الإجارةِ:
وَإذا قُدِّرَتِ المَنفَعةُ بالزَمنِ وجبَ أنْ يَكونَ مدَّةً مَعلومةً، تَبقَى فيها العَينُ المُؤجَّرةُ في الأغلَبِ؛ لِيَتمكَّنَ المُستَأجِرُ مِنْ استِيفاءِ المَنفَعةِ المَعقودِ عليها.
والمَرجِعُ في مَعرِفةِ المدَّةِ التي تَبقَى فيها كلُّ عَينٍ في الأغلَبِ إنَّما هو العُرفُ، وأهلُ الخِبرةِ، ويَختَلِفُ ذلك مِنْ عَينٍ إلى عَينٍ:
فالأرضُ -مثلًا-: تَصحُّ إجارَتُها مِئةَ سَنةٍ أو أكثَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute