للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالَةُ الثالثةُ: أنْ يتزوَّجَ المُسلمُ ذِمِّيةً فوَليُّها الكافِرُ يزوِّجُها:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا تزوَّجَ المُسلمُ ذِميةً، هل يَلِي وَليُّها الكافرُ عقْدَ نكاحِها؟ أم لا يَلِي عقْدَ نكاحِها إلَّا مُسلمٌ أو قاضي المُسلمينَ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشَّافعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الكافرَ يَلِي عقْدَ نكاحِ ابنتِه الكافرةِ، سَواءٌ زوَّجَها لمُسلمٍ أو لكافرٍ؛ لأنه قَريبٌ يَنظرُ بالمَصلحةِ.

قالَ الحَنفيةُ: إسلامُ الوليِّ ليسَ بشَرطٍ لثُبوتِ الولايةِ في الجُملةِ، فيَلِي الكافرُ على الكافرِ؛ لأنَّ الكُفرَ لا يَقدحُ في الشَّفقةِ الباعِثةِ عن تَحصيلِ النَّظرِ في حَقِّ المُولَّى عَليهِ ولا في الوِراثةِ؛ فإنَّ الكافِرَ يَرثُ الكافرَ، ولهذا كانَ مِنْ أهلِ الولايةِ على نَفسِه، فكذا على غيرِه.

وقالَ اللهُ ﷿: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [الأنفال: ٧٣] (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَجوزُ للوليِّ الكافرِ أنْ يكونَ وليًّا على وليَّتِه الكافرةِ، فيَلِي عقْدَها إذا زوَّجَها لمُسلمٍ أو كافرٍ، فإنْ زوَّجَها لمُسلمٍ؛ فإنْ لم يَكنْ للكافرةِ وَليٌّ كافرٌ فأَساقِفَتُهم، فإنِ امتَنعُوا ورفَعَتْ أمْرَها للسُّلطانِ جبَرَهم


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٣٩)، ويُنظَر: «الهداية» (١/ ١٩٩)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٠)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٨٥)، و «درر الحكام» (١/ ٣٣٨)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٥٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٠، ٣٠١)، و «اللباب» (٢/ ٣٠)، و «مجمع الأنهر» (١/ ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>