للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يُصلَّى عليهِم كالكفَّارِ مِنْ أهلِ الذمَّةِ وغيرِهم، ولأنهم مَرَقوا مِنْ الدِّينِ، فأشبَهُوا المُرتدينَ (١).

هل البُغاةُ فَسَقةٌ:

قالَ ابنُ قُدامةَ : والبغاةُ إذا لم يَكونُوا مِنْ أهلِ البدَعِ ليسُوا بفاسِقينَ، وإنما هُمْ مُخطِئونَ في تَأويلِهم، والإمامُ وأهلُ العَدلِ مُصيبونَ في قِتالِهم، فهُم جَميعًا كالمُجتهِدينَ مِنْ الفُقهاءِ في الأحكامِ، مَنْ شَهِدَ منهم قُبِلتْ شَهادتُه إذا كانَ عَدلًا، وهذا قولُ الشافِعيِّ، ولا أعلَمُ في قَبولِ شَهادتِهم خِلافًا.

فأما الخَوارجُ وأهلُ البِدعِ إذا خَرَجوا على الإمامِ فلا تُقبلُ شَهادتُهم؛ لأنهم فسَّاقٌ، وقالَ أبو حَنيفةَ: يَفسقونَ بالبغيِ وخُروجِهم على الإمامِ، ولكنْ تُقبلُ شَهادتُهم؛ لأنَّ فِسقَهم مِنْ جِهةِ الدِّينِ، فلا تُرَدُّ به الشَّهادةُ، وقد قُبلَ شَهادةُ الكفَّارِ بعضِهم على بعضٍ (٢).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : وإنْ شَهدَ عَدلٌ مِنْ أهلِ البَغي .. قُبلَتْ شَهادتُه، ووافَقَنا أبو حَنيفةَ على ذلكَ؛ لأنهُم وإنْ كانوا فَسقةً عندَه .. ففِسقُهم عندَه مِنْ جِهةِ التديُّنِ، وذلكَ لا يُوجِبُ ردَّ الشهادةِ عندَه، وإنما قُبلَتْ شَهادتُهم عندَنا لأنهم ليسُوا بفَسقةٍ، فهُم كأهلِ العدلِ المُختلِفينَ في الأحكامِ (٣).


(١) «المغني» (٩/ ١٠، ١١).
(٢) «المغني» (٩/ ١٢).
(٣) «البيان» (١٢/ ٣٤، ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>