للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الضَّمانِ الواجبِ قَولان: المَشهورُ، واختيارُ الجُمهورِ: أنَّه يَضمنُ قِيمتَها عندَ الذَّبحِ، كما لو أتلَفها بلا ذَبحٍ. والثاني: يَضمنُ الأكثرَ من قِيمتِها وقيمةِ اللَّحمِ (١).

الخَطأُ في ذَبحِ الأُضحيَّةِ:

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ ما لو أخطأ الذابِحُ فذبَح أضحيَّةَ غيرِه أو غلِط رَجلان فذبَح كلُّ واحدٍ منهما أُضحيَّةَ غيرِه هل تُجزِئُ أو لا تُجزِئُ؟

فذهَب الحَنفيةُ في الاستِحسانِ والحَنابلةُ إلى أنَّ الرَّجلَين إذا غلِطا فذبَح كلُّ واحدٍ منهما أُضحيَّةَ الآخرَ أجزَأَ عنهُما، ويَأخذُ كلُّ واحدٍ منهُما ذَبيحتَه من صاحبِه ولا يَضمَنُه؛ لأنَّه وَكيلُه دِلالةً.

وهذا استِحسانٌ عندَ الحَنفيةِ، وأصلُ هذا أنَّ مَنْ ذبَح أُضحيَّةَ غيرِه بغيرِ إذنِه لا يَحلُّ له ذلك، وهو ضامِنٌ لقِيمتِها، ولا يُجزِئُه عن الأُضحيَّةِ في القياسِ، وهو قولُ زُفرَ.

وفي الاستِحسانِ يَجوزُ، ولا ضَمانَ على الذابِحِ، ووَجهُه أنَّها تَعيَّنت للذَّبحِ لتَعينِها للأُضحيَّةِ، حتى وجَب عليه أنْ يُضحِّيَ بها بعَينِها في أيَّامِ النَّحرِ، ويُكرهُ أنْ يُبدِّلَ بها غيرَها، فصارَ المالكُ مُستعينًا بكلِّ مَنْ يَكونُ أهلًا للذَّبحِ آذِنًا له دَلالةً؛ لأنَّها تَفوتُ بمُضيِّ هذه الأيامِ وعساه يَعجِزُ عن إقامَتِها بعَوارضَ، فصارَ كما إذا ذبَح شاةً شدَّ القَصابُ رِجلَها.


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ١١٢، ١١٣)، و «روضة الطالبين» (٢/ ٦٧١، ٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>