للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا ضَمانَ على الأجيرِ المُشترَكِ فيما تَلِفَ مِنْ حِرزِه بنَحوِ سَرِقةٍ أو تَلَفٍ بغَيرِ فِعلِه إذا لَم يُفرِّطْ؛ لأنَّ العَينَ في يَدِه أمانةٌ، أشبَهَ المُودِعَ، ولا أُجرةَ له فيما عَمِلَه وتَلِفَ قبلَ تَسليمِه لربِّه، سَواءٌ عَمِلَه في بَيتِ المُستَأجِرِ أو في بَيتِه؛ لأنَّه لَم يُسَلِّمْ عَملَه لِلمُستَأجِرِ، فلَم يَستَحقَّ عِوَضَه؛ كالمَبيعِ مِنْ الطَّعامِ إذا تَلِفَ في يَدِ بائِعِه.

وَإذا استَأجَرَ إنسانٌ جَزَّارًا يَذبَحُ له شاةً فذَبَحَها ولَم يُسَمِّ عليها عَمدًا ضَمِنَها؛ لِتَحريمِ أكْلِها؛ فإنْ تَركَها سَهوًا حَلَّتْ، ولا ضَمانَ (١).

اشتِراطُ الضَّمانِ على الأجيرِ المُشترَكِ:

الأصلُ عندَ فُقهاءِ المَذاهبِ الأربَعةِ أنَّ كلَّ ما كانَ أمانةً لا يَصيرُ مَضمونًا بشَرطِه؛ لأنَّ مُقتَضَى العَقدِ كَونُه أمانةً، فإذا شرطَ ضَمانَه فقَدِ التَزَم ضَمانَ ما لَم يُوجَدْ سَبَبُ ضَمانِه؛ فلَم يَلزَمْه، كَما لَوِ اشترَطَ ضَمانَ الوَديعةِ أو ضَمانَ مالٍ في يَدِ مالِكِه.

وَما كانَ مَضمونًا لا يَنتَفي ضَمانُه بشَرطِه؛ لأنَّ مُقتَضَى العَقدِ الضَّمانُ، فإذا شرطَ نَفْيَ ضَمانِه لا يَنتفِي مع وُجودِ سَبَبِه، كَما لَوِ اشترَطَ نَفْيَ ضَمانِ ما يَتعدَّى فيهِ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٣٠٥، ٣٠٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٢٠، ١٢١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٨٦، ١٨٧)، و «المبدع» (٥/ ١٠٩)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٧٨)، و «الإفصاح» (٢/ ٣١٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠، ٤٢)، و «الإنصاف» (٦/ ٧١، ٧٣).
(٢) «المغني» (٥/ ٣١٢، ٣١٣)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٣٦٦، ٣٦٧)، و «المبدع» (٥/ ١٤٥)، و «الإنصاف» (٦/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>