للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا رَيبَ أنَّ في تَجويزِ ذلك ذَريعةً إلى التَّحيُّلِ على الفَقيرِ بأنْ يَدفعَ إليه صَدقةَ مالِه ثم يَشتريها منه بأقَلَّ من قيمَتِها، ويَرى المِسكينُ أنَّه قد حصَلَ له شَيءٌ مع حاجَتِه فتَسمحُ نَفسُه بالبَيعِ، واللهُ عالِمٌ بالأَسرارِ، فمِن مَحاسنِ هذه الشَّريعةِ الكامِلةِ سَدُّ الذَّريعةِ ومَنعُ المُتصدقِ من شِراءِ صَدقتِه وباللهِ التَّوفيقُ (١).

التَّسويةُ بينَ الأولادِ في الهِبةِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّه يُستحَبُّ التَّسويةُ بينَ الأولادِ في الهِبةِ في حالِ الصِّحةِ ويُكرهُ التَّفضيلُ بينَهم؛ لقَولِ النَّبيِّ للنُّعمانِ بنِ بَشيرٍ وقد خَصَّ ابنَه بالنِّحَلِ: «أتُحِبُّ أنْ يَكونوا في البِرِّ سَواءً»، كيف تَجِدُه مُتضمنًا لبَيانِ الوَصفِ الداعِي إلى شَرعِ التَّسويةِ بينَ الأَولادِ، وهو العَدلُ الذي قامَت به السَّمواتُ والأرضُ، فكما أنَّك تُحبُّ أنْ يَستَووا في بِرِّك وألَّا يَنفردَ أحدُهم ببِرِّك وتُحرَمَه من الآخَرِ، فكيف يَنبَغي أنْ تُفرِدَ أحدَهما بالعَطيةِ وتَحرمَها الآخَرَ؟! (٢).

ولأنَّ في التَّسويةِ تَأليفَ القُلوبِ، والتَّفضيلُ يُورثُ الوَحشةَ بينَهم فكانَت التَّسويةُ أَولى (٣)، ولئلَّا يُفضيَ بهم الأمرُ إلى العُقوقِ والتَّحاسدِ (٤).


(١) «إعلام الموقعين» (٣/ ١٥٦).
(٢) «بدائع الفوائد» (٤/ ٩٣٩).
(٣) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٢٧).
(٤) «النجم الوهاج» (٥/ ٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>