للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالِ إجماعًا، ونحن نَمنَعُ تَحقُّقَه قبلَ الغايةِ المَذكورةِ (١).

ما المَقصودُ بالرُّشدِ:

اختَلَف الفُقهاءُ بالمَقصودِ بالرُّشدِ في قَولِ اللهِ : ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦٥] هل هو صَلاحُ المالِ فَقَط؟ أم صَلاحُ المالِ والدِّينِ مَعًا؟

فذهَب الشافِعيَّةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الرُّشدَ هو صَلاحُ الدِّينِ والمالِ جَميعًا، فلا يَفعَلُ مُحرَّمًا يُبطِلُ العَدالةَ مِنْ كَبيرةٍ أو إصرارٍ على صَغيرةٍ؛ لأنَّ الفاسِقَ غيرُ رَشيدٍ، ولأنَّ إفسادَه لِدِينِه يَمنَعُ الثِّقةَ به في حِفظِ مالِه، كما يَمنَعُ قَبولَ قَولِه وثُبوتَ الوِلايةِ على غَيرِه، وإنْ لَم يُعرَفْ منه كَذِبٌ ولا تَبذيرٌ.

ولا يُبذِّرُ بأنْ يُضيِّعَ المالَ باحتِمالِ غَبنٍ فاحِشٍ في المُعامَلةِ، أو رَمْيِه في بَحْرٍ أو إنفاقِه في مُحرَّمٍ، والأصَحُّ أنَّ صَرفَه في الصَّدَقةِ ووُجوهِ الخَيرِ والمَطاعِمِ والمَلابِسِ التي لا تَليقُ بحالِه ليس بتَبذيرٍ (٢).

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ والشافِعيَّةُ في وَجْهٍ إلى أنَّ الرُّشدَ هو الصَّلاحُ في المالِ فَقَطْ؛ لِلآيةِ السَّابِقةِ؛ لأنَّها إثباتٌ في


(١) «الذخيرة» (٨/ ٢٢٨، ٢٣٠)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢١٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ١٦٥، ١٦٧)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٤٨٤، ٤٨٥)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٤٨٧، ٤٨٨)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٩٦)، و «الإفصاح» (١/ ٤٢٨).
(٢) «مختصر المزني» (١/ ١١٠)، و «الحاوي الكبير» (٦/ ٣٥٧)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٣٨٣، ٣٨٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١١٢، ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>