اختَلفَ الفُقهاءُ فيمن لم يَعلَمْ بفَرضيَّةِ الزَّكاةِ هل يُخرِجُها بعدَ العِلمِ أو لا؟
فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ وزُفرُ من الحَنفيةِ إلى أنَّ العِلمَ بكَونِ الزَّكاةِ مَفروضةً ليسَ شَرطًا لوُجوبِها، فتَجبُ الزَّكاةُ على الحَربيِّ إذا أسلَمَ في دارِ الحَربِ وله سَوائمُ ولم يُهاجِرْ إلينا ومكَثَ هناك سِنينَ ولا عِلمَ له بالشَّريعةِ الإِسلاميَّةِ ويُخاطَبُ بأَدائِها إذا خرَجَ إلى دارِ الإِسلامِ.
وذهَبَ أبو حَنيفةَ وصاحباه أبو يُوسفَ ومُحمدٌ إلى أنَّ العِلمَ بكَونِ الزَّكاةِ فَريضةً شَرطٌ لوُجوبِ الزَّكاةِ، فلا تَجبُ الزَّكاةُ على الحَربيِّ في الصُّورةِ المَذكورةِ (١).
د- مَنْ لم يَتمكَّنْ من أَداءِ الزَّكاةِ:
ذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها ابنُ قُدامةَ إلى أنَّ التَّمكُّنَ من الأَداءِ شَرطٌ لوُجوبِ الزَّكاةِ، فلو حالَ الحَولُ ثم تلِفَ المالُ قبلَ أنْ يَتمكَّنَ صاحِبُه من الأَداءِ فلا زَكاةَ عليه إذا لم يُفرِّطْ؛ لأنَّها تَجبُ على سَبيلِ المُواساةِ، فلا تَجبُ على وَجهٍ يَجبُ أَداؤُها مع عَدمِ المالِ، وفَقرِ مَنْ تَجبُ عليه.
ومعنى التَّفريطِ: أنْ يَتمكَّنَ من إِخراجِها فلم يُخرِجْها، وإنْ لم يَتمكَّنْ من إِخراجِها، فليسَ بمُفرِّطٍ، سواءٌ كانَ ذلك لعَدمِ المُستحَقِّ أو لبُعدِ المالِ
(١) «البدائع» (٢/ ٣٨٥)، و «المجموع» (٦/ ٤٧٤)، و «المغني» (٢/ ٦٨٨).