للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَرسِ، وإنِ اتَّفَقا على بَيعِ الغِراسِ والبِناءِ لِلمالِكِ جازَ، وإنْ باعَهُما صاحِبُهُما لِغَيرِ مالِكِ الأرضِ جازَ، ومُشتَريهما يَقومُ فيهِما مَقامَ البائِعِ، وقالَ أصحابُ الشافِعيِّ في أحَدِ الوجهيْنِ: لَيسَ له بَيعُهما لِغَيرِ مالِكِ الأرضِ؛ لأنَّ مالِكَه ضَعيفٌ، بدَليلِ أنَّ لِصاحِبِ الأرضِ تَملُّكَه عليه بالقِيمةِ مِنْ غيرِ إذْنِه.

لَنا: أنَّه مَملوكٌ لَه، يَجوزُ بَيعُه لِمالِكِ الأرضِ، فجازَ لِغَيرِه، كَشِقْصٍ مَشفوعٍ، وبِهَذا يَبطُلُ ما ذَكَروهُ؛ فإنَّ لِلشَّفيعِ تَملُّكَ الشِّقصِ وشِراءَه، ويَجوزُ بَيعُه لِغَيرِه، فأمَّا إنْ شرطَ في العَقدِ تَبْقِيةَ الغِراسِ، فذكرَ القاضي أنَّه صَحيحٌ، وحُكمُه حُكمُ ما لَو أطلَقَ العَقدَ، سَواءٌ، وهو قولُ أصحابِ الشَّافِعيِّ، ويُحتَمَلُ أنْ يَبطُلَ العَقدُ؛ لأنَّه شرطَ ما يُنافِي مُقتَضَى العَقدِ؛ فلَم يَصحَّ، كَما لَو شرطَ ذلك في الزَّرعِ الذي لا يَكمُلُ قبلَ انقِضاءِ المدَّةِ، ولأنَّ الشَّرطَ باطِلٌ، بدَليلِ أنَّه لا يَجِبُ الوَفاءُ به، وهو مُؤثِّرٌ؛ فأبطَلَه، كَشَرطِ تَبْقِيةِ الزَّرعِ بعدَ مدَّةِ الإجارةِ (١).

ثانيًا: الإقالةُ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على جَوازِ صِحَّةِ الإقالةِ في الإجارةِ، فإذا أقالَ المُؤجِّرُ المُستَأجِرَ؛ انقَضَتِ الإجارةُ.

قالَ الحَنفيَّةُ: تَنقَضي الإجارةُ بالإقالةِ؛ لأنَّه مُعاوَضةُ المالِ بالمالِ، فكانَ مُحتَمِلًا لِلإقالةِ، كالبَيعِ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٢٨٢، ٢٨٥)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٤٤، ١٤٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٢٢)، و «العناية» (١٢/ ٣٨١)، و «ابن عابدين» (٦/ ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>