للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و «تحاكَمَ عُثمانُ وطَلحةُ إلى جُبيرِ بنِ مُطعمٍ، ولمْ يَكنْ أَحدٌ منهما قاضيًا» (١).

ولأنَّ لهما وِلايةٌ على أَنفسِهما، فصَحَّ تَحكيمُهما.

ومما يَدلُّ على جَوازِ التَّحكيمِ: أنَّ على المُسلِمينَ كلَّهم إِقامةُ الإِمامِ الذي يَنصبُ الحُكامَ، فإذا وَلى رَجلًا القَضاءَ، فكأنَّ المُسلِمينَ كلَّهم وَلوه ذلك، فإنِ اصطَلحَ رَجلانِ على حُكمٍ جازَ لهما ذلك، وكانَ حاكمًا في حَقِّهما، غيرَ حاكمٍ في حَقِّ غيرِهما.

وهنا عِدةُ مَسائلَ مُتعلِّقةٍ بحُكمِ الحَكمينِ:

المَسالةُ الأُولى: هل يُشترطُ عَدمُ وُجودِ قاضٍ في البَلدِ حتى يَصحَّ التَّحكيمُ؟

نصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ على أنَّ التَّحكيمَ بينَ الخَصمينِ يَجوزُ، سَواءٌ كانَ في البَلدِ حاكمٌ أو لمْ يَكنْ؛ لأنَّ الحُكمَ بينَ الناسِ إنما هو حَقُّهم لا حَقُّ الحاكمِ، بيدَ أنَّ الاستِرسالَ على التَّحكيمِ خَرمٌ لقاعدةِ الوِلايةِ، ومُؤدٍ إلى تَهارجِ الناسِ تَهارجَ الحُمرِ، فلا بدَّ مِنْ نَصبِ فاصلٍ فأمَرَ الشَّرعُ بنَصبِ الوالي ليَحسمَ قاعدةَ الهَرجِ، وأذِنَ في التَّحكيمِ تَخفيفًا عنه وعنهم في مَشقةِ التَّرافعِ لتتمَّ المَصلحتانِ وتَحصلَ الفائِدتانِ.


(١) ضَعِيفٌ: رواه البيهقي في «الكبرى» (٥/ ٢٦٨)، وفي إِسنادِه ابنُ أَبي مُليكة، قالَ أَبو زرعةَ في حَديثِه عن عُمرَ وعُثمانَ : «هو مُرسلٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>