للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرِّوايةُ الرابِعةُ: إنْ كانَت في السَّبيلَينِ أو في شَيءٍ غيرِ البَدنِ، وجَبَ العَددُ، وكانَ الواجِبُ سَبعًا، وإنْ كانَت في البَدنِ، فقد رُويَ عنه أنَّه قالَ: وإذا أصابَ جَسدَه فهو أسهَلُ، والخَلَّالُ (١) يُخطِّئُ راويَها.

والخامِسةُ: إِسقاطُ العَددِ فيما عَدا الكَلبَ أو الخِنزيرَ (٢).

٢١ - إِزالةُ النَّجاسةِ بغيرِ الماءِ:

ذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ، وهو رِوايةٌ في مَذهبِ مالِكٍ وفي مَذهبِ أحمدَ اختارَها شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ إلى جَوازِ تَطهيرِ النَّجاسةِ بغيرِ الماءِ، كالخَلِّ وماءِ الوَردِ ونَحوِه (ولا يَجوزُ بدُهنٍ ومَرَقٍ) ممَّا إذا عُصرَ انعصَرَ؛ لأنَّه مُزيلٌ بطَبعِه فوجَبَ أنْ يُفيدَ الطَّهارةَ كالماءِ بل أَولى؛ لأنَّه أقلَعُ لها، ولأنَّا نُشاهِدُ ونَعلمُ بالضَّرورةِ أنَّ المائِعَ يُزيلُ شَيئًا من النَّجاسةِ في كلِّ مَرةٍ، ولهذا يَتغيرُ لَونُ الماءِ به، والنَّجاسةُ مُتناهيةٌ؛ لأنَّها مُتركبةٌ من جَواهرَ مُتناهيةٍ، فإذا انتَهَت أَجزاؤُها بَقيَ المَحلُّ طاهِرًا لعَدمِ المُجاورةِ.

وأيضًا: فإنَّ إِزالةَ النَّجاسةِ ليسَت من بابِ المَأمورِ إنَّما هي من بابِ التُّروكِ، فمَقصودُها اجتِنابُ الخَبثِ، ولهذا لا يُشترطُ فيها فِعلُ العَبدِ ولا قَصدُه، بل لو زالَت بالمَطرِ النازِلِ من السَّماءِ حصَلَ المَقصودُ، ولكنْ إذا زالَت بفِعلِ العَبدِ ونِيَّتِه أُثيبَ على ذلك، وإلا إذا عُدِمت بغيرِ فِعلِه ولا نيَّتِه زالَت المَفسدةُ، ولم يَكنْ له ثَوابٌ ولم يَكنْ عليه عِقابٌ.


(١) الخَلالُ: هو أَبو بكرِ بنُ عبدِ العَزيزِ.
(٢) «الإفصاح» (١/ ٥٠، ٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>