للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافِعيِّ: وإنْ أعطَى صاحِبَ الفَحلِ هَديَّةً أو كَرامةً مِنْ غيرِ إجارةٍ جازَ.

واحتَجَّ أصحابُنا بحَديثٍ رُويَ عن أنَسٍ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «إذا كانَ إكرامًا فلا بَأْسَ»، ذكَره صاحِبُ المُغني، ولا أعرِفُ حالَ هذا الحَديثِ ولا مَنْ خرَجه.

وقد نصَّ أحمدُ في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ على خِلافِه؛ فقيلَ له: ألَّا يَكونَ مثلَ الحَجَّامِ يُعطَى وإنْ كانَ مَنهيًّا عنه؟ فقالَ: لَم يَبلُغْنا أنَّ النَّبيَّ أعطَى في مِثلِ هذا شَيئًا، كما بلَغنا في الحَجَّامِ.

واختلَف أصحابُنا في حَملِ كلامِ أحمدَ على ظاهِرِه، أو تَأويلِه؛ فحَمَلَه القاضي على ظاهِرِه، وقالَ: هذا مُقتَضى النَّظَرِ، لكنَّ تَرْكَ مُقتَضاه في الحَجَّامِ فبَقيَ فيما عَداه على مُقتَضى القِياسِ.

وقالَ أبو مُحمَّدٍ في «المُغنِي»: كَلامُ أحمدَ يُحمَلُ على الوَرَعِ، لا على التَّحريمِ، والجَوازُ أرفَقُ بالنَّاسِ، وأوْفَقُ لِلقياسِ (١).

بَيعَتانِ في بَيعةٍ:

اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على الحُرمةِ والفَسادِ لِبيعَتَيْنِ في بَيعةٍ؛ لِمَا رَوى أبو هُريرةَ قالَ: نهَى النَّبيُّ عن بَيعَتَيْنِ في بَيعةٍ (٢).


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٧٩٥، ٧٩٦).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٤٦١)، والترمذي (١٢٣١)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٩٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>