إِطلاقُ لَفظِ الوَصيةِ هل يَشملُ جَميعَ الأَنواعِ أو لا بُدَّ من تَحديدِ ما يُوصَى به:
نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّ المُوصيَ إذا قالَ للوَصيِّ:«أنت وَصيِّي في أمرِ كذا، كقَضاءِ دَيني مَثلًا، أو في أمرِ أَطفالي بعدَ مَوتي فقط»، ولم يَزِدْ على هذا، فلا يَجوزُ له الإِقدامُ على غيرِ ما أَوصَى له به.
وقالَ الحَنفيةُ: ولو أَوصَى إلى رَجلٍ في مالِه كانَ وَصيًّا فيه وفي وَلدِه، وإذا أَوصَى إليه في أَنواعٍ وسكَتَ عن نَوعٍ فالوَصيُّ في نَوعٍ يَكونُ وَصيًّا في الأَنواِع كلِّها؛ لأنَّه لو لم تَعمَّ وِصايتُه تَقعُ الحاجةُ إلى نَصبِ وَصيٍّ آخَرَ، فجَعْلُ مَنْ اختارَه المَيتُ وَصيًّا ببعضِ أُمورِه وَصيًّا في كلِّها أَولى من جَعلِ غيرِه وَصيًّا؛ لأنَّ المُوصيَ لم يَرضَ بتَصرفِ غيرِه في شَيءٍ من الأُمورِ ورَضيَ بتَصرفِ هذا في بعضِ الأُمورِ؛ لأنَّه استَصلَحَه واستَصوَبه في الوِصايةِ، فكَونُ هذا وَصيًّا على العُمومِ أوْلى (١).
وكذلك اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه إذا عمَّمَ الوَصيةَ بأنْ قالَ:«أنت وَصيِّي في كلِّ شَيءٍ بعدَ مَوتي» فهو وَصيٌّ في كلِّ شَيءٍ، فله أنْ يَليَ أمرَ أَطفالِه وأنْ يُزوِّجَ بَناتِه إلى غيرِ ذلك من الأُمورِ.
(١) «البحر الرائق» (٨/ ٥٢١)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٨٤٩)، و «ابن عابدين» (٦/ ٧٠٠).