مَشروعيةُ الشَّهادةِ:
الشَّهادةُ مَشروعةٌ بالكِتابِ والسُّنةِ والإِجماعِ والمَعقولِ.
أمَّا بالكِتابِ: فقَولُ اللهِ تَعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] الآيةَ.
وقَولُه: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢].
وقَولُه: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢].
وغيرُ ذلك من الآياتِ.
وأمَّا السُّنةُ: فعن عبدِ الرَّحمنِ بنِ أَبي عَمرةَ الأَنصاريِّ عن زَيدِ بنِ خالِدٍ الجُهنيِّ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «ألَا أُخبِرُكم بخَيرِ الشُّهداءِ؟ الذي يأتي بشَهادتِه قبلَ أنْ يُسألَها» (١).
(١) أخرجه مسلم (١٧١٩) قالَ الإمامُ النَّوَويُّ: وفي المُرادِ بهَذا الحَديثِ تَأويلانِ أصَحُّهما وأشهَرُهما تَأويلُ مالِكٍ وأَصحابِ الشافِعيِّ أنَّه مَحمولٌ على مَنْ عِندَه شَهادةٌ لإِنسانٍ بحَقٍّ ولا يَعلَمُ ذلك الإِنسانُ أنَّه شاهِدٌ فيَأتي إليه فيُخبِرُه بأنَّه شاهِدٌ له والثّاني أنَّه مَحمولٌ على شَهادةِ الحِسبةِ، وذلك في غَيرِ حُقوقِ الآدَميِّينَ المُختَصةِ بهم فما تُقبَلُ فيه شَهادةُ الحِسبةِ الطَّلاقُ والعِتقُ والوَقفُ والوَصايا العامةُ والحُدودُ ونَحوُ ذلك، فمَن عَلِمَ شَيئًا مِنْ هذا النَّوعِ وَجَبَ عليه رَفعُه إلى القاضي وإعلامُه به والشَّهادةُ، قالَ اللَّهُ تَعالَى: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ وكذا في النَّوعِ الأوَّلِ يَلزَمُ مَنْ عِندَه شَهادةٌ لإِنسانٍ لا يَعلَمُها أنْ يُعلِمَه إياها لِأنَّها أمانةٌ له عِندَه، وحُكيَ تَأويلٌ ثالِثٌ أنَّه مَحمولٌ على المَجازِ والمُبالَغةِ في أداءِ الشَّهادة بَعدَ طَلبِها لا قَبلَه كما يُقالُ: الجَوادُ يُعطي قَبلَ السُّؤالِ، أي: يُعطي سَريعًا عَقِبَ السُّؤالِ مِنْ غَيرِ تَوقُّفٍ، قالَ العُلَماءُ: وليسَ في هذا الحَديثِ مُناقَضةٌ للحَديثِ الآخَرِ في ذَمِّ مَنْ يَأتي بالشَّهادةِ قَبلَ أنْ يُستَشهَدَ في قَولِه ﷺ: «يَشهَدونَ ولا يُستَشهَدونَ»، وقد تَأوَّلَ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute