وقالَ ابنُ القَيمِ ﵀: والقِياسُ الصَّحيحُ يَقتَضي هذا القَولَ، فإنَّ الاشتِراكَ في حُقوقِ المِلكِ شَقيقُ الاشتِراكِ في المِلكِ، والضَّررُ الحاصِلُ بالشَّركةِ فيها كالضَّررِ الحاصِلِ بالشَّركةِ في المِلكِ أو أقرَبُ إليه، ورَفعُه مَصلحةٌ للشَّريكِ من غيرِ مَضرةٍ على البائِعِ ولا على المُشتَري، فالمَعنى الذي وجَبَت لأجلِه شُفعةُ الخُلطةِ في المِلكِ مَوجودٌ في الخُلطةِ في حُقوقِه، فهذا المَذهبُ أوسَطُ المَذاهبِ وأجمَعُها للأدَلةِ وأقرَبُها إلى العَدلِ.
ومَن تأمَّلَ أَحاديثَ شُفعةِ الجِوارِ رآها صَريحةً في ذلك، وتبيَّنَ له بُطلانُ حَملِها على الشَّريكِ وعلى حَقِّ الجِوارِ غيرِ الشُّفعةِ، وباللهِ التَّوفيقُ (١).
شُروطُ الشُّفعةِ بالجِوارِ وتَرتيبُ المُستَحقِّينَ في وُجوبِ الشُّفعةِ:
الحَنفيةُ كما تقدَّمَ يَرَوْن أنَّ الجِوارَ سَببٌ للشُّفعةِ، إلا أنَّهم لم يأخُذوا بالجِوارِ على عُمومِه، فليسَ كلُّ جارٍ يَستحِقُّ الشُّفعةَ، وتَرتيبُ المُستحِقِّينَ للجِوارِ كما يَلي:
الشُّفعةُ يَستحِقُّها الخَليطُ -الشَّريكُ- في المَبيعِ نَفسِه، وهو الذي لم يُقاسِمْ؛ لأنَّ الاتِّصالَ بالشَّركةِ أَقوَى؛ لأنَّه في كلِّ جُزءٍ.
ثم للخَليطِ، وهو الشَّريكُ الذي قاسَمَ وبَقيَت له شَركةٌ في حَقٍّ من حُقوقِ المَبيعِ كالشِّربِ، وهو النَّصيبُ من الماءِ، ومن الطَّريقِ، وليس للجارِ شُفعةٌ معه؛ لأنَّه شَريكٌ في المَرافقِ، ولأنَّه أخَصُّ بالضَّررِ من الجارِ.
فإنْ سلَّمَ الشَّريكُ في حَقِّ المَبيعِ أخَذَها الجارُ المُلاصِقُ، وهو الذي له