للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُوقِعٌ وقَعَ على حَسبِ ما يَجبُ في ذلكَ عِنْدَ العُلماءِ كلٌّ على أصلِه، وقَولُ المُتقدِّمينَ: «الأيمانُ بالطَّلاقِ والعِتقِ» إنَّما هو كَلامٌ خرَجَ على الاتِّساعِ والمَجازِ والتَّقريبِ، وأمَّا الحَقيقةُ فإنما هو طلاقٌ على صِفةٍ ما وعِتقٌ على صِفةٍ، ولا يَمينَ في الحَقيقةِ إلَّا باللهِ ﷿ (١).

والحَلِفُ بالطَّلاقِ لم يَكنْ مَوجودًا في صَدرِ الإسلامِ، وإنَّما هي يَمينٌ مُحدَثةٌ لم تَقعْ في الصَّدرِ الأوَّلِ، وقد حَكى القاضِي أبو الوَليدِ الباجيُّ أنه رَأى هذهِ اليَمينَ في بَيعةِ أهلِ المَدينةِ ليَزيدَ بنِ مُعاويةَ وفيما بعْدَها مِنْ عُهودِ الخُلفاءِ، وذكَرَ أنهُ لم يرَ فيها للمُتقدِّمينَ نُصوصًا (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : ومِن هذا البابِ اليَمينُ بالطَّلاقِ والعِتاقِ، فإنَّ إلزامَ الحالِفِ بهمَا إذا حنَثَ بطلاقِ زَوجَتِه وعِتقِ عَبدِه ممَّا حدَثَ الإفتاءُ بهِ بعْدَ انقِراضِ عَصرِ الصَّحابةِ فلا يُحفَظُ عَنْ صَحابيٍّ في صِيغةِ القسَمِ إلزامُ الطَّلاقِ بهِ أبدًا، وإنما المَحفوظُ إلزامُ الطَّلاقِ بصِيغةِ الشَّرطِ والجَزاءِ الَّذي قصَدَ بهِ الطَّلاقَ عِنْدَ وُجودِ الشَّرطِ (٣).

فللحَلِفِ بالطَّلاقِ صُورَتانِ مِنْ حَيثُ الصِّيغةِ، هُما:

الأُولَى: التَّعليقُ اللَّفظيُّ أو الحسِّيُّ:

وهو ما تمَّ الحلِفُ فيهِ بصِيغةِ التَّعليقِ وذُكرَتْ فيهِ أداةٌ مِنْ أدواتِ


(١) «التمهيد» (١٤/ ٣٦٨).
(٢) «المفيد للحكام فيما يعرض لهم من نوازل الأحكام» (٢/ ١٥٦، ١٦٦).
(٣) «إعلام الموقعين» (٣/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>