للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا لم يُعاينِ المَوتَ، فأمَّا إذا عايَنَ المَوتَ لم تَصحَّ وَصيتُه؛ لأنَّ الوَصيةَ قَولٌ ولا قَولَ له والحالةُ هذه (١).

٤ - وَصيةُ السَّكرانِ:

السَّكرانُ يَنقسِمُ إلى قِسمَينِ، هُما: سَكرانُ لا يَعرفُ الأرضَ من السَّماءِ ولا الرَّجلَ من المَرأةِ، وسَكرانُ مُختلِطٌ معه بَقيةٌ من عَقلِه إلا أنَّه لا يَملِكُ الاختِلاطَ من نَفسِه فيُخطئُ ويُصيبُ.

قالَ ابنُ رُشدٍ: فأمَّا السَّكرانُ الذي لا يَعرفُ الأرضَ من السَّماءِ ولا الرَّجلَ من المَرأةِ فلا اختِلافَ في أنَّه كالمَجنونِ في جَميعِ أَفعالِه وأَقوالِه فيما بينَه وبينَ الناسِ وفيما بينَه وبينَ اللهِ إلا فيما ذهَبَ وَقتُه من الصَّلواتِ (٢).

وأمَّا السَّكرانُ المُختلِطُ الذي معه بَقيةٌ من عَقلِه فقد اختَلفَ أهلُ العِلمِ في وَصيتِه هل تَصحُّ أو لا؟

فذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ ومُطرِّفٌ من المالِكيةِ إلى أنَّه لا تَصحُّ وَصيةُ السَّكرانِ؛ لأنَّه ليسَ بعاقِلٍ فلا تَصحُّ وَصيتُه كالمَجنونِ، وأمَّا إِيقاعُ طَلاقِه فإنَّما أوقَعَه مَنْ أوقَعَه تَغليظًا عليه لارتِكابِه المَعصيةَ فلا يَتعدَّى هذا إلى وَصيتِه؛ فإنَّه لا ضَررَ عليه فيها إنَّما الضَّررُ على وارِثِه (٣).


(١) «الإنصاف» (٧/ ١٨٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٦)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٤٤).
(٢) «البيان والتحصيل» (٤/ ٢٥٨).
(٣) «المغني» (٦/ ١٢٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>