للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالِثُ: تُعتبَرُ قيمَتُه يَومَ عَقدِ الرَّهنِ، قال الباجيُّ: وهو أقرَبُ؛ لأنَّ الناسَ إنَّما يَرهَنونَ ما يُساوي الدَّينَ المَرهونَ فيه في الأغلَبِ (١).

وَضعُ الرَّهنِ على يَدِ عَدلٍ:

لا خِلافَ بينَ فُقهاءِ المَذاهِبِ الأربعةِ على أنَّ الذي يَقبِضُ الرَّهنَ هو المُرتَهَنُ أو نائِبُه.

واتَّفقوا أيضًا على جَوازِ وَضعِ الرَّهنِ على يَدِ عَدلٍ ثالِثٍ غيرِ الراهِنِ والمُرتَهَنِ، ويُوضَعُ الرَّهنُ عندَ العَدلِ، سَواءٌ أكان ذلك بعدَ عَقدِ الرَّهنِ وقَبضِ المُرتَهَنِ لِلمَرهونِ أم اشتَرَطاه في صُلبِ العَقدِ وقَبلَ القَبضِ له؛ لأنَّ المُرتَهَنَ قد يَطلُبُ رَهنًا بدَيْنِه ولا يَطمَئِنُّ الراهِنُ إلى وَضعِه في يَدِه، فيَتَّفِقانِ على وَضعِه عندَ إنسانٍ يَثِقانِ به ويَرضَيانِه لِعَدالَتِه وحُسْنِ سِيرَتِه وأمانَتِه وحِرصِه على رِعايةِ مَصالِحِ الناسِ.

فالعَدلُ: هو الثِّقةُ الأمينُ الذي يَرضى به كُلٌّ مِنَ الراهِنِ والمُرتَهَنِ لِيَضَعا عندَه العَينَ المَرهونةَ، وسُمِّيَ بذلك لِعَدالَتِه عندَ الراهِنِ والمُرتَهَنِ، وليس عَدلًا في حَقيقةِ الأمرِ، كما هو الحالُ في الراوي والشاهِدِ؛ لأنَّه قد يَكونُ فاسِقًا أو كافِرًا.

فإذا قبَض العَدلُ العَينَ المَرهونةَ صَحَّ قَبضُه وتَمَّ عَقدُ الرَّهنِ ويَقومُ قَبضُه مَقامَ قَبضِ المُرتَهَنِ؛ لأنَّ يَدَه كيَدِ المُرتَهَنِ، سَواءٌ كان واحِدًا أو أكثَرَ


(١) «تحبير المختصر» (٤/ ١١٩)، و «جواهر الإكليل» (٤/ ٣٦)، و «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٤/ ٤٢١، ٤٢٢)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٦١)، و «منح الجليل» (٥/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>