للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا نزَلَت آيةُ الجِزيةِ أخَذَها النَّبيُّ ممَّن بَقيَ على كُفرِه من النَّصارى والمَجوسِ، ولِهذا لم يأخُذْها مِنْ يَهودِ المَدينةِ حينَ قدِم المَدينةَ ولا مِنْ يَهودِ خَيبَرَ؛ لأنَّه صالَحهم قبلَ نُزولِ آيةِ الجِزيةِ (١).

عِلةُ قِتالِ الكُفارِ هل هي الكُفرُ أو الحِرابةُ:

الذي عليه عامةُ أهلِ العِلمِ أنَّ عِلةَ قِتالِ الكُفارِ هي مُجرَّدُ كُفرِهم وليسَ حَربَهم وقِتالَهم لنا، فيَجوزُ لنا أنْ نَبدأَهم بالقِتالِ وإنْ لم يُقاتِلونا.

قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجَصاصُ : ولا نَعلَمُ أحَدًا من الفُقهاءِ يَحظُرُ قِتالَ مَنْ اعتزَلَ قِتالَنا من المُشرِكينَ (٢).

وقالَ أبو بَكرٍ الجَصاصُ أيضًا: وأمَّا قَولُه: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾ [البقرة: ١٩١]؛ فإنَّه أمرٌ بقَتلِ المُشرِكينَ إذا ظفِرنا بهم، وهي عامةٌ في قِتالِ سائرِ المُشرِكينَ مَنْ قاتَلْنا منهم ومَن لم يُقاتلْنا بعدَ أنْ يَكونوا مِنْ أهلِ القِتالِ؛ لأنَّه لا خِلافَ أنَّ قَتلَ النِّساءِ والذَّراريِّ مَحظورٌ (٣).

وقالَ الإمامُ السَّرخسيُّ : والدَّليلُ على أنَّ الكُفرَ مُهدِرٌ للدَّمِ أنَّ من لا يَحِلُّ قَتلُه من أهلِ الحَربِ كالنِّساءِ والذَّراريِّ إذا قتَلهم إنسانٌ لا يُغرَّمُ شَيئًا لوُجودِ المُهدِرِ، وما ذلك إلا الكُفرُ، والدَّليلُ عليه أنَّا أُمِرنا بقَتلِ الكُفارِ


(١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢١، ٢٢).
(٢) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ١٩١).
(٣) «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>