للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قالَ بَدرُ الدِّينِ العَينيُّ : فإنْ قيلَ: لا نُسلِّمُ بأنَّ الجِزيةَ بَدلٌ من النُّصرةِ، ألَا تَرى أنَّ الإمامَ لو استَعانَ بأهلِ الذِّمةِ منه فقاتَلُوا معه لا تَسقُطُ عنهم جِزيةُ تلك السَّنةِ؟ فلو كانَت بَدلًا لسقَطَت. أُجيبَ بأنَّها لم تَسقُطْ لأنَّه يَلزمُ حينَئذٍ تَغييرُ الشَّرعِ، وليسَ للإمامِ ذلك. وهذا لأنَّ الشَّرعَ جعَلَ طَريقَ النُّصرةِ في حَقِّ الذِّميِّ المالَ دونَ النُّصرةِ (١).

فعلى هذا لا يَجوزُ للإمامِ أنْ يُسقِطَ الجِزيةَ عن أهلِ الذِّمةِ حتى وإنْ كانُوا يَقومونَ بنُصرةِ البَلدِ مع المُسلِمينَ.

ممَّن تُؤخذُ الجِزيةُ؟

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الجِزيةَ تُؤخذُ من أهلِ الكِتابِ وهُم اليَهودُ والنَّصارى ومَن اتَّخذَ التَّوراةَ والإنجيلَ كِتابًا كالسامِرةِ والفِرنجِ ونَحوِهم، فهؤلاء يُقاتَلونَ حتى يُسلِموا أو يُعطُوا الجِزيةَ عن يَدٍ وهُم صاغِرونَ.

وتُؤخذُ من المَجوسِ، وممَّن نقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ رُشدٍ وابنُ القَيمِ وغيرُهما.

فقالَ ابنُ رُشدٍ : فأمَّا مَنْ يَجوزُ أخذُ الجِزيةِ منه؛ فإنَّ العُلماءَ مُجمِعونَ على أنَّه يَجوزُ أخذُها من أهلِ الكِتابِ العَجمِ ومن المَجوسِ (٢).

وقالَ ابنُ القَيمِ : أجمَعَ الفُقهاءُ على أنَّ الجِزيةَ تُؤخذُ من أهلِ الكِتابِ ومن المَجوسِ (٣).


(١) «البناية شرح الهداية» (٧/ ٢٤٩).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٥٤٠).
(٣) «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>