للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُخولُ الحائِضِ المَسجدَ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يَحرمُ على الحائِضِ اللُّبثُ في المَسجدِ لقَولِ النَّبيِّ : «لا أُحلُّ المَسجدَ لحائِضٍ ولا جُنبٍ» (١).

كما اتَّفَقوا على جَوازِ عُبورِها في المَسجدِ دونَ لُبثٍ في حالةِ الضَّرورةِ والعُذرِ كخَوفٍ على نَفسٍ أو مالٍ قياسًا على الجُنبِ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ [النساء: ٤٣].

ولأنَّ النَّبيَّ أمَرَ عائِشةَ بأنْ تُناولَه الخُمرةَ من المَسجدِ فقالَت: إنِّي حائِضٌ، فقالَ: «إنَّ حَيضَتَك ليسَت في يَدِك» (٢).

ومَعنى قَولِه: «مِنْ المَسجدِ» أنَّه قالَ ذلك لها وهو في المَسجدِ لتُناوِلَه إياها من خارِجِ المَسجدِ، لا أنَّ النَّبيَّ أمَرَها أنْ تُخرجَها له من المَسجدِ؛ لأنَّه كانَ في المَسجدِ مُعتكفًا، وكانَت عائِشةُ في حُجرتِها وهي حائِضٌ (٣).

لكنَّ الحَنفيةَ قالوا: إنَّ الأَولى لها عندَ الضَّرورةِ أنْ تَتيممَ ثم تَدخلَ.

ويَرى الحَنفيةُ والمالِكيةُ حُرمةَ دُخولِها إلى المَسجدِ مُطلقًا سَواءٌ كانَ للمُكثِ أو العُبورِ، واستَثنَى الحَنفيةُ من ذلك دُخولَها للطَّوافِ.


(١) رواه أبو داود (٢٣٢)، والبيهقي في «الكبرى» (٢/ ٤٤٢)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢/ ٢٨٤)، وغيرهم وضعفه البيهقي والألباني في «ضعيف أبي داود» (٤).
(٢) رواه مسلم (٢٩٨).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١١٧)، وشرح أبي داود للعيني (٢/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>