للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيامِه، ولهذا يَفسدُ في أدنَى مُدةِ ما يَفسدُ في مثلِها المَذبوحُ، وكذا المُنخنِقةُ والمَوقوذةُ والمُتَرديةُ والنَّطيحةِ؛ لِما قُلنَا (١).

الطَّريقةُ الثانيةُ: الاضطِراريةُ:

وهي الجَرحُ في أيِّ مَوضعٍ اتَّفقَ -أي: عَقرُ الحَيوانِ- في أيِّ مَوضعٍ كانَ، وهي مَشروعةٌ حالةَ العَجزِ عن الاختِياريةِ، وذلكَ مثلَ الصَّيد، فلو رَماهُ فقتَلَه حَلَّ أكلُه؛ لأنَّ الجرحَ في غيرِ المَذبحِ أُقيمَ مَقامَ الذبحِ عندَ تَعذُّرِ الذَّبحِ للحاجةِ، وهذا مَحلُّ اتِّفاقٍ في المُتوحِّشِ، وقد تَقدَّمَ في كتابِ الصَّيدِ.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في الحَيوانِ الإنسِيِّ إذا توحَّشَ ونَدَّ.

إذا نَدَّ البَعيرُ أو شرَدَ، وكذا كلُّ حَيوانٍ إنسيٍّ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الحَيوانِ الإنسِيِّ إذا نَدَّ وشرَدَ، أو البَهائمِ والدَّواجِنِ تَستوحِشُ، هل يَجوزُ عَقرُها في أيِّ مَوضعٍ؟ أم لا تَؤكلُ إلا أنْ يُنحرَ أو يُذبحَ ما يُذبحُ مِنْ ذلكَ؟

فذهَبَ المالِكيةُ إلى أنه إلى أنَّ الحَيوانَ المُتأنسَ كبَهيمةِ الأنعامِ وغيرِها إذا تَوحَّشَ ولم يُقدرْ عليهِ لم تَنتقلْ ذَكاتُه، ولا يُستباحُ إلا بالذَّبحِ أو النَّحرِ؛ لقَولِه : «إنَّما الذَّكاةُ في الحَلقِ واللَّبةِ» (٢)، فأشارَ إلى جُملةِ الذَّكاةِ، ولأنَّ تَوحُّشَه لمَّا لم يَنقلْهُ عن أحكامِ المُتأنسِ مِنْ سُقوطِ الجَزاءِ عن المُحرِمِ بقَتلِه وجَوازِه في الضَّحايا والهَدايا والعَقيقةِ، كذلكَ الذَّكاةُ.


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٤٠، ٤١).
(٢) ضَعِيفٌ جدًّا: رواه الدارقطني في «سننه» (٤٧٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>