قَولِ القائِلِ:«مَنْ دخَلَ الدارَ فصلَّى فله دِينارٌ»، فإنه لا يَستحقُّ الدِّينارَ إلا بدُخولِه وصَلاتِه؛ لأنهُما شَرطانِ في استِحقاقِ الدِّينارِ، فلا يَجوزُ أنْ يَستحقَّ الدِّينارَ بأحَدِ الشَّرطَينِ.
ولأنَّ الكفَّارةَ في الظِّهارِ كفَّارةُ يَمينٍ، فلا يَحنثُ بغَيرِ الحِنثِ كسائرِ الأيمانِ.
فعَلى هذا: إذا ماتَ أحَدُهما أو فارَقَها قبلَ العَوْدِ فلا كفَّارةَ عليهِ (١).
ثانيًا: تَفسيرُ العَوْدِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في تَفسيرِ العَوْدِ، هل المَقصودُ به هو العَزمُ على وَطءِ الزوجةِ؟ أم هو العَزمُ على الوَطءِ مع نيَّةِ الإمساكِ في العِصمةِ؟ أو المَقصودُ بهِ الوَطءُ نَفسُه؟ أم المَقصودُ به إمساكُها بعدَ ظِهارِه زَمَنًا يُمكِنُه طَلاقُها فيه؟ على أقوالٍ.
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ العَودَ في قَولِه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣] هو العَزمُ على وَطئِها عَزمًا مُؤكَّدًا، حتى لو عزَمَ ثمَّ بَدَا له أنْ لا يَطأَها لا كفَّارةَ عليهِ؛ لعَدمِ العَزمِ؛ فقَولُه تَعالى: ﴿ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا﴾ [المجادلة: ٣] أي: ثمَّ يَرجِعونَ عمَّا قَالوا، أي: إلى تَحليلِ
(١) «بدائع الصنائع» (٣// ٢٣٥)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٤)، و «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر» (٢/ ١١٧، ١١٨)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٤٥١، ٤٥٢)، و «البيان» (١٠/ ٣٤٧).