للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِتالُ المُمتنِعين عن أَداءِ الزَّكاةِ:

لم يَقِفِ الإِسلامُ عندَ عُقوبةِ مانِعِ الزَّكاةِ بالغَرامةِ الماليةِ، أو بغيرِها من العُقوباتِ التَّعزيريةِ، بل أوجَبَ سَلَّ السُّيوفِ وإِعلانَ الحَربِ على كلِّ فِئةٍ ذاتِ شَوكةٍ تَتمرَّدُ على أداءِ الزَّكاةِ، ولم يُبالِ في سَبيلِ ذلك بقَتلِ الأنفُسِ، وإراقةِ الدِّماءِ التي جاءَ لِصيانَتِها والمُحافظةِ عليها؛ لأنَّ الدَّمَ الذي يُراقُ من أجلِ الحَقِّ لم يَضعْ هَدرًا؛ فالنَّفسُ التي تُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ وإقامةِ عَدلِه في الأرضِ لم تَمتْ ولن تَموتَ.

هذا إذا نظَرنا إلى أنفُسِ المُؤمِنينَ المقاتِلينَ مِنْ أجْلِ الحَقِّ، المُدافِعينَ عن شَرعِ اللهِ، أما أنفُسُ الآخَرينَ الذين عَصَوُا اللهَ ورَسولَه، وامتَنعوا من أداءِ حَقِّه، ولم يَرعَوا أَمانةَ ما استَخلَفهم فيه من مالِه، فقد أهدَروا هم بتصَرُّفِهم ما ثبَتَ لهم من الحُرمةِ، ونقَضوا -بسبَب سُلوكِهم- ما لأنفُسِهم وأَموالِهم من العِصمةِ.

وقِتالُ المُتمرِّدينَ المانِعينَ الزَّكاةَ قد ثبَتَ بالأَحاديثِ الصَّحيحةِ في ذلك وبإِجماعِ الصَّحابةِ .

فقد رَوى البُخاريُّ ومُسلمٌ عن أبي هُريرةَ قالَ: «لمَّا تُوفِّيَ رَسولُ اللَّهِ وكانَ أبو بَكرٍ وكفَرَ من كفَرَ من العرَبِ، فقالَ عمرُ : كيفَ تُقاتِلُ الناسَ وقد قالَ رَسولُ اللَّهِ أُمِرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى يَقُولوا لَا إِلهَ إلا اللهُ، فمَن قالَها فقَد عصَمَ منِّي مالَه ونَفسَه إلا بِحَقِّه وحِسابُه على اللَّهِ؟ فقالَ: واللهِ لأُقاتِلنَّ من فرَّقَ بينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>