للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ المالِكَ إذا ضمَّنَ المُشتَريَ يَرجعُ المُشتَري على الغاصِبِ (١).

وسُئلَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ عن رَجلٍ غصَبَ عَينًا فباعَها من رَجلٍ عالِمٍ بالغَصبِ، فجاءَ صاحِبُ العَينِ فأخَذَها من يَدِ المُشتَري، فهل للمُشتَري أنْ يَرجعَ على الغاصِبِ الذي اشتَراها منه مع عِلمِه بالغَصبِ بالثَّمنِ الذي بذَلَه له أو المُشتَري لا يَرجعُ على الغاصِبِ بشَيءٍ والذي نقَدَه للغاصِبِ يَذهبُ مَجانًا؟ فكيفَ الحُكمُ في ذلك؟

فأَجابَ: الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ، بل للمُشتَري أنْ يَرجعَ على الغاصِبِ بالثَّمنِ الذي قبَضَه منه، سَواءٌ كانَ عالِمًا بالغَصبِ أو لم يَكُنْ عالِمًا، فإنَّ الثَّمنَ قبَضَه بغيرِ حَقٍّ، ولو كانَ برِضاه فإنَّهما لو تَبايَعا ما لا يَحلُّ بَيعُه من خَمرٍ أو خِنزيرٍ برِضاهما لوجَبَ أنْ يَردَّ المَبيعَ فيُتلِفَ الخَمرَ والخِنزيرَ ويَردَّ على المُشتَري الثَّمنَ، فكيف إذا باعَه مالَ الغيرِ؟ وبأيِّ وَجهٍ بَقيَ الثَّمنُ في يَدِ الغاصِبِ؟ فلا حَقَّ له فيه، وإنَّما هو مِلكُ المُشتَري واللهُ أعلَمُ (٢).

المَسألةُ الثالِثةُ: إذا أجَّرَ الغاصِبُ العَينَ المَغصوبةَ:

قالَ الكاسانِيُّ: ولو آجَرَ الغاصِبُ المَغصوبَ أو رهَنَه من إِنسانٍ فهلَكَ في يَدِه يَتخيَّرُ المالِكُ، فإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ لا يَرجعُ على المُستأجِرِ والمُرتَهَنِ؛ لأنَّه تبيَّنَ أنَّه آجَرَ ورهَنَ مِلكَ نَفسِه، إلا أنَّه في الرَّهنِ يَسقطُ دَينُ


(١) «الشرح الكبير» (٥/ ٤١٨، ٤١٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٦١، ١٦٢).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٠/ ٣١٨، ٣١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>