للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّكنُ الثَّاني: الوليُّ:

اختَلفَ الفُقهاءِ في الوليِّ، هل هو رُكنٌ مِنْ أركانِ النكاحِ؟ أم شَرطٌ مِنْ شَرائطِه لا يَصحُّ إلَّا به؟ أم يَجوزُ نكاحُ المَرأةِ بغيرِ إذنِ وليِّها، بأنْ تُباشِرَ عقْدَ النكاحِ بنَفسِها أو تُوكِّلَ مَنْ يَعقدُ لها؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ وقَولٌ مَحكيٌّ عن مُحمدِ بنِ الحسَنِ إلى أنه لا يَجوزُ النكاحُ بغيرِ وَليٍّ، ولا يَجوزُ للمرأةِ أنْ تَليَ عقْدَ النكاحِ لنَفسِها ولا لغيرِها، سَواءٌ كانَتْ بِكرًا أم ثيِّبًا، واستَدلُّوا على ذلكَ بالكِتابِ والسُّنةِ.

أمَّا الكِتابُ: فقَولُه تعالَى: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٢] فدَلَّتِ الآيةُ على ثُبوتِ الوِلايةِ مِنْ وَجهينِ:

أحَدُهما: أنَّ العَضْلَ هو المَنعُ مِنْ التَّزويجِ، فمنَعَ اللهُ الأولياءَ مِنْ الامتِناعِ مِنْ تَزويجِهنَّ كما منَعَ أولياءَ اليَتامى أنْ يَعضلُوهنَّ إذا رَغبُوا في أموالِهنَّ، فلو كانَ لهُنَّ أنْ يَعقدْنَ لم يَكنِ امتِناعُ الأولياءِ عَضلًا لهُنَّ، وهذا يَدلُّ على أنَّ نِكاحُهنَّ إلى الوليِّ، فلو جازَ لهنَّ التفرُّدُ بالعَقدِ لَمَا أثَّرَ عَضلُ الأولياءِ ولَمَا تَوجَّه إليهم نَهيٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>