للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ الشَّركةِ في العُروضِ:

شَركةُ العُروضِ: هي أنْ يُخرجَ هذا مَتاعًا فيُقيِّمَه، ويُخرجَ هذا مَتاعًا فيُقيِّمَه، ثم يَشترِكانِ بالقيمَتَيْن؛ لِيَكونَ المَتاعانِ بينَهما إنْ رَبِحا فيه كان بينَهما، وإنْ خَسِرا فيه كان الخُسرانُ عليهما (١).

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ الشَّركةِ في العُروضِ هل تَصحُّ أو لا؟ على قَولَيْن.

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ، الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الشَّركةَ لا تَصحُّ في العُروضِ، وحَكى ابنُ المُنذِرِ فيه الإجماعَ (٢) وهو غَيرُ صَحيحٍ، كما سيأتي.

وعلَّل الحَنفيَّةُ عَدمَ جَوازِ الشَّركةِ بالعُروضِ؛ لأنَّ التَّوكيلَ فيها على الوَجهِ الذي تَضمَّنتْه الشَّركةُ لا يَصحُّ، ألَا تَرى أنَّ مَنْ قال لِغَيرِه: بِعْ عَرضَكَ على أنَّ ثَمنَه بينَنا، لا يَصحُّ؟ وإذا لم تَجُزِ الوَكالةُ -التي هي مِنْ ضَرورياتِ الشَّركةِ- لَم تَنعقِدِ الشَّركةُ، بخِلافِ الدَّراهمِ والدَّنانيرِ؛ فإنَّ التَّوكيلَ فيها على الوَجهِ الذي تَضمَّنتْه الشَّركةُ يَصحُّ، ألَا تَرى أنَّه لو قال له رَجلٌ: «اشتَرِ بألْفٍ مِنْ مالِك على أنَّ ما تَشتريه بينَنا وأنا أشتَري بألْفٍ مِنْ مالي على أنَّ ما اشتَريتُه بينَنا» فإنَّه يَجوزُ ذلك؟ ولأنَّ أوَّلَ التَّصرُّفِ في العُروضِ البَيعُ، وفي النُّقودِ الشِّراءُ، ولأنَّ بَيعَ أحَدِهما مالَه على أنْ يَكونَ الآخَرُ شَريكًا في ثَمنِه لا يَجوزُ، وشِراءَ أحَدِهما شَيئًا بمالِه على أنْ يَكونَ المَبيعُ بينَه وبينَ غَيرِه جائِزٌ.


(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٤٧٣).
(٢) «الإجماع» (٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>