إذا انقطَعَ دَمُ النِّفاسِ قبلَ الغايةِ هل تُوطأُ؟
ذهَبَ الأئِمةُ الثَّلاثةُ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُّ إلى أنَّ المَرأةَ إذا انقطَعَ عنها دَمُ النِّفاسِ قبلَ الغايةِ؛ فإنَّها تَصومُ وتُصلِّي ويَطؤُها زَوجُها.
وذهَبَ الإمامُ أحمدُ إلى أنَّه يُكرهُ للزَّوجِ أنْ يَطأَها قبلَ أنْ تَتمَّ الغايةُ عندَه، وهي أربَعونَ يَومًا؛ لحَديثِ عُثمانَ بنِ أبي العاصِ:«أنَّها أتَتْه -أي: امرأتُه- قبلَ الأربَعينَ، فقالَ: لا تَقرَبيني»(١). ولأنَّه لا يأمَنُ عَودَ الدَّمِ في زَمنِ الوَطءِ فيَكونُ وَطئًا في نِفاسٍ.
قالَ ابنُ قُدامةَ: وهذا على سَبيلِ الاستِحبابِ؛ فإنَّا حَكَمنا لها بحُكمِ الطاهِراتِ، ولهذا يَلزمُها أنْ تَغتسلَ وتُصلِّيَ وتَصومَ.
وإنْ عادَ دَمُها في مُدةِ الأربَعينَ ففيه رِوايتانِ، إحداهُما: أنَّه من نِفاسِها تَدعُ له الصَّومَ والصَّلاةَ، نُقلَ عن أحمدَ بنِ القاسِمِ أنَّه قالَ: فإنْ عاودَها الدَّمُ قبلَ الأربَعين أمسَكَت عن الصَّلاةِ والصَّومِ؛ فإنْ طهُرَت أيضًا اغتسَلَت
(١) رواه الدارمي (١/ ٢٢٩)، وابن الجارود في «المنتقى» ص (٦٣)، وعبد الرازق (١/ ٣١٣)، وقالَ الشيخُ الألبانِيُّ: إِسنادُه صَحيحٌ عن الحَسنِ عن عُثمانَ فإن كانَ سمِعَه منه فهوصَحيحٌ، وفي البابِ أثرٌ آخرُ عن عائذِ بن عمرَ ورواه الدارمي (١/ ٢٣٠)، والدارقطني (٨٢) من طريقِ الجلدِ بنِ أيوبَ وهو ضعيفٌ انتهى من «الإرواء» (١/ ٢٢٧) رقم (٢١٢) باختصار، وانظر: «تنبيه القاري» (١٤٩).