للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممَّن لا يَقدرُ على خِدمةِ نَفسِه والقيامِ بأمرِه اعتُبِرت القُدرةُ على مَنْ يَخدمُه؛ لأنَّه من سَبيلِه (١).

ج- صرَّح الجُمهورُ أيضًا بأنَّ مِلكَ الزادِ ووسيلةِ النَّقلِ يُشترَطُ أنْ يَكونَا فاضلَين على ما تَمسُّ إليه الحاجةُ الأصليَّةُ مُدةَ ذَهابِه وِإيابِه.

أمَّا المالِكيةُ فاعتبَروا ما يُوصِّلُه فقط، ولو لم يَكنْ عندَه وعندَ أهلِه وأولادِه إلا مِقدارُ ما يُوصِّلُه فقط، ولا يُراعي ما يَؤولُ أمرُه وأمرُ أهلِه وأولادِه إليه في المُستقبَلِ؛ لأنَّ ذلك أمرٌ للهِ تَعالى، وهذا مَبنيٌّ على القولِ بأنَّ الحَجَّ واجبٌ على الفَورِ، وأما على القولِ بالتَّراخي فلا إشكالَ في تَبديةِ نفَقةِ الولدِ والأبَوينِ على الحَجِّ، ومِثلُ نفَقةِ الأولادِ والأبَوينِ نفَقةُ الزَّوجةِ، فتَقدَّم على القولِ بالتَّراخي (٢).

وفي هذا تَفصيلٌ نوضِّحُه في الأُمورِ التي تَشملُها الحاجةُ الأصليَّةُ:

خِصالُ الحاجةِ الأصليَّةِ:

خِصالُ الحاجةِ الأصليَّةِ ثَلاثٌ:

١ - نفَقةُ عيالِه ومَن تَلزمُه نَفقتُهم مُدّةَ ذَهابِه وإيابِه عندَ الجُمهورِ خِلافًا للمالِكيةِ؛ لأنَّ النفَقةَ مُتعلِّقةٌ بحُقوقِ الآدَميِّينَ وهم أحوَجُ، وحقُّهم آكدُ؛ لئلَّا يَضيعوا، وقد قال النَّبيُّ : «كفَى بالمَرءِ إثمًا أنْ يُضيِّعَ مَنْ يَقوتُ» (٣).

قال ابنُ قُدامةَ : ويُعتبرُ أنْ يَكونَ هذا فاضِلًا على ما يَحتاجُ إليه لنَفقةِ عيالِه الذينَ تَلزمُه مَؤونتُهم في مُضيِّه ورُجوعِهِ؛ لأنَّ النفَقةَ مُتعلِّقةٌ بحُقوقِ الآدَميِّينَ، وهُم أحوَجُ وحقُّهم


(١) «المغني» (٤/ ٣٠٧).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٢/ ٢٠٦)، و «بلغة السالك» (٢/ ٨)، و «شرح الرسالة» (١/ ٤٥٦)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٥٠٠، ٥٠٢).
(٣) حَديثٌ حَسنٌ: رواه أبو داود (١٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>