للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تَصحَّ، وإنْ وَصَّى في حالِ عَقلِه صَحَّت وَصيتُه؛ لأنَّه بمَنزلةِ العُقلاءِ في شَهادتِه ووُجوبِ العِبادةِ عليه، فكذلك في وَصيتِه وتَصرفاتِه (١).

٢ - البُلوغُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في البُلوغِ، هل هو شَرطٌ في صِحةِ وَصيةِ المُوصي أو ليسَ بشَرطٍ وتَصحُّ وَصيةُ الصَّبيِّ المُميِّزِ غيرِ البالِغِ؟

الصَّبيُّ نَوعانِ: غيرُ مُميِّزٍ، ومُميِّزٌ، فأمَّا الصَّبيُّ غيرُ المُميِّزِ فلا تَصحُّ وَصيتُه باتِّفاقِ المَذاهبِ الأربَعةِ.

قالَ أَبو الوَليدِ الباجيُّ: وأمَّا الصَّغيرُ الذي لا يُميِّزُ فلا خِلافَ بينَ العُلماءِ في أنَّه لا تَجوزُ وَصيتُه، ووَجهُ ذلك أنَّه لا يَصحُّ قَصدُه كالمُغمَى عليه (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ: أمَّا الطِّفلُ -وهو مَنْ له دونَ السَّبعِ- والمَجنونُ والمُبَرسَمُ فلا وَصيةَ لهم، وهذا قَولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، منهم حُمَيدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ ومالِكٌ والأَوزاعيُّ والشافِعيُّ ، وأَصحابُ الرأيِ ومَن تبِعَهم، ولا نَعلَمُ أحدًا خالَفَهم إلا إِياسَ بنَ مُعاويةَ قالَ في الصَّبيِّ والمَجنونِ: إذا وافَقَت وَصيَّتُهما الحَقَّ جازَت، وليسَ بصَحيحٍ؛ فإنَّه لا حُكمَ لكَلامِهما ولا تَصحُّ عِبادتُهما ولا شَيءَ من تَصرُّفاتِهما، فكذا الوَصيةُ، بل أوْلى؛ فإنَّه إذا لم يَصحَّ إِسلامُهما وصَلاتُهما التي هي مَحضُ نَفعٍ لا


(١) «المغني» (٦/ ١٢٠).
(٢) «المنتقى» (٦/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>