للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمِّ أكثَرُ مِنْ شَفقةِ غيرِها مِنْ الأباعدِ مِنْ أبناءِ الأعمامِ، وكذلكَ شَفقةُ الجَدِّ لأمٍّ والأخوالِ، ولأنَّ الأمَّ أحدُ الأبوَينِ، فتَثبتُ الولايةُ لها كالآخَرِ، وهو مَرويٌ عن عليٍّ وابنِ مَسعودٍ في إجازةِ عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ امرأتَهِ في تَزويجِ ابنتِها، وكانَتِ ابنتَها مِنْ غيرِه، وإنَّما جوَّزَ نكاحَها لولايةِ الأمومةِ.

والأصلُ أنَّ كُلَّ قَرابةٍ يتعلَّقَ بها الوارِثُ يتعلَّقُ بها ثُبوتُ الولايةِ؛ لأنها داعيَةٌ إلى الشفَقةِ والنظرِ كالعَصباتِ، إلَّا أنهم تأخَّرُوا عن العَصباتِ لضَعفِ الرأيِ وبُعدِ القَرابةِ كما في الإرثِ، وأمَّا حديثُ: «النِّكاحُ إلى العَصباتِ» فإنه يَقتضِي النكاحَ إلى العَصباتِ عندَ وُجودِهم، أمَّا عندَ عَدمِهم فالحديثُ ساكِتٌ عنهُ، فنقولُ: يَنتقلُ إلى ما هو في معنَى العَصباتِ في الشفَقةِ، فلا يكونُ حجَّةً عَلينا بل لنَا.

ثمَّ إذا عدمَ العَصباتُ وذَوُو الأرحامِ زوَّجَها القاضي؛ لقولِ النبيِّ : «السُّلطانُ وليُّ مَنْ لا وَليَّ له» (١) (٢).

نِكاحُ الوليِّ الأبعَدِ مع وُجودِ الأقرَبِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ نكاحِ الوَليِّ الأبعدِ مع وُجودِ الوليِّ الأقرَبِ غيرِ المُجبِرِ وقُدرتِه على عَقدِ النكاحِ، هل يَجوزُ نِكاحُه؟ أم لا يَصحُّ مع وُجودِه؟


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدَّمَ.
(٢) «المبسوط» (٤/ ٢٢٣)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٤٠، ٢٤١)، و «الاختيار» (٣/ ١١٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠١، ٣٠٢)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٥٩)، و «اللباب» (٢/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>