للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محَلٌّ ثبَتَ له فيه حكمُ الإِقامةِ؛ فأشبَهَ وطَنَه، حتى يَشرَعَ في السَّفرِ ويفارِقَ ذلك المَوضِعَ (١).

الشَّريطةُ الثانيةُ: اتِّحادُ المَكانِ (اتِّحادُ مَكانِ المدَّةِ المُشترَطةِ لِلإقامةِ):

صرَّحَ الحَنفيةُ بأنَّ المدَّةَ التي يُقيمُها المُسافِرُ ويَصيرُ بها مُقيمًا، يُشتَرطُ فيها أن تَكونَ في مَكانٍ واحدٍ، أو ما يُشبِهُ المَكانَ الواحدَ؛ لأنَّ الإِقامةَ قَرارٌ، والانتِقالُ يُضادُّه.

فإذا نَوى المُسافِرُ الإِقامةَ المدَّةَ القاطِعةَ للسَّفرِ -وهي خَمسَةَ عشَرَ يَومًا- في مَوضعَينِ، فإن كانَ مِصرًا واحدًا أو قَريةً واحدةً، صارَ مُقيمًا؛ لأنَّهما مُتَّحدَتانِ حُكمًا؛ لأنَّه لو خرَجَ إليه مُسافِرًا لم يَقصُرْ، وإن كانَا مِصرَينِ نحوَ مَكةَ ومنًى، أوِ الكُوفةِ والحِيرَةِ؛ أو قَريتَينِ، أو كانَ أحدُهما مِصرًا والآخَرُ قَريةً، لا يَصيرُ مُقيمًا؛ لأنَّهما مَكانانِ مُتَبايِنانِ حَقيقَةً وحُكمًا.

فإن نَوى المُسافِرُ أن يُقيمَ اللَّياليَ في أحَدِ المَوضعَينِ ويَخرُجَ بالنَّهارِ إلى المَوضِعِ الآخَرِ، فإن دخَلَ أوَّلًا المَوضِعَ الذي نَوى المُقامَ فيه بالنَّهارِ، لا يَصيرُ مُقيمًا، وإن دخَلَ المَوضِعَ الذي نَوى الإِقامةَ فيه باللَّيالي يَصيرُ


(١) «كشاف القناع» (١/ ٥١٢، ٥١٤)، و «الإنصاف» (٢/ ٣٣٠)، و «المبدع» (٢/ ١١٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>