للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أسلَمَ الكافِرُ بعدَ مَوتِ قَريبِه المُسلمِ وقبلَ قِسمةِ المِيراثِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الكافِرِ يُسلمُ بعدَ مَوتِ قَريبِه المُسلمِ -أَبيه أو أَخيه أو الزَّوجةِ- وقبلَ قِسمةِ مِيراثِه هل يَرثُ منهم أو لا؟ على قَولَينِ للعُلماءِ:

القَولُ الأولُ: أنَّه لا يَرثُ، وهو قَولُ سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ وعَطاءٍ وطاوُسٍ والزُّهريِّ وسُليمانَ بنِ يَسارٍ والنَّخعيِّ والحَكمِ وأَبي الزِّنادِ وأَبي حَنيفةَ ومالِكٍ والشافِعيِّ والبُخاريِّ وعامَّةِ الفُقهاءِ.

واستدَلُّوا على ذلك بقَولِ النَّبيِّ : «لا يَرثُ الكافِرُ المُسلمَ» (١) ولأنَّ المِلكَ قد انتقَلَ بالمَوتِ إلى المُسلِمينَ، أي: بَيتِ المالِ، فلم يُشارِكْهم من أسلَمَ كما لو اقتَسَموا، ولأنَّ المانِعَ من الإِرثِ مُتحقَّقٌ حالَ وُجودِ المَوتِ فلم يَرِثْ، كما لو كانَ رَقيقًا فأُعتِقَ، أو كما لو بَقيَ على كُفرِه.

قالوا: التَّركةُ تَنتقِلُ بالمَوتِ إلى مِلكِ الوَرثةِ ويَستقرُّ مِلكُهم عليها فيَجبُ ألَّا يَزولَ مِلكُهم عنها بالإِسلامِ، كما لا يَزولُ بحُدوثِ وارِثٍ آخَرَ، وهو أنْ يَموتَ ويُخلِّفَ أُمًّا وأُختًا فتَتعلَّقَ الأُمُّ بوَلدٍ آخَرَ؛ فإنَّه لا يَرثُ لحُدوثِه بعدَ الحُكمِ بالمِيراثِ للمَوجودِ.

قالوا: ولأنَّ مَنْ لم يَكنْ وارِثًا عندَ المَوتِ لم يَصِرْ وارِثًا بعدَه؛ لأنَّ فيه صَيرورتَه وارِثًا بعدَ مَوتِ مُورِّثِه وهذا لا يُعقلُ.

قالوا: ولأنَّه لا يَصيرُ وارِثًا بعدَ القِسمةِ، فكذلك قبلَها.


(١) أخرجه البخاري (٦٣٨٣)، ومسلم (١٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>