للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنفيةُ: إذا قالَ الغاصِبُ: «هلَكَ المَغصوبُ في يَدي»، ولم يُصدِّقْه المَغصوبُ منه ولا بَيِّنةَ للغاصِبِ فإنَّ القاضِي يَحبِسُ الغاصِبَ مُدةً لو كانَ قائِمًا لأظهَرَه في تلك المُدةِ، ثم يَقضي عليه بالضَّمانِ؛ لأنَّ الحُكمَ الأَصليَّ للغَصبِ هو وُجوبُ رَدِّ عَينِ المَغصوبِ، والقيمةُ خَلَفٌ عنه، فما لم يَثبُتِ العَجزُ عن الأصلِ لا يُقضَى بالقيمةِ التي هي خَلَفٌ (١).

ثالِثًا: الاختِلافُ في رَدِّ المَغصوبِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو قالَ الغاصِبُ: «رَدَدتُ المَغصوبَ»، وأنكَرَه المالِكُ، هل القَولُ قَولُ الغاصِبِ أو قَولُ المالِكِ أنَّه لم يَردَّه؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ القَولَ قَولُ المالِكِ أنَّه لم يَردَّ عليه المَغصوبَ؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُ ذلك واشتِغالُ الذِّمةِ به، وذلك لأنَّ الغاصِبَ أقَرَّ بالسَّببِ المُوجِبِ للضَّمانِ وهو الغَصبُ، وادَّعى ما يُبَرِّئُه، فيَكونُ القَولُ قَولَ المالِكِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٦٣).
(٢) «التنبيه» ص (١١٦)، و «المغني» (٥/ ١٧١)، و «الكافي» (٢/ ٤١٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٤٠)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>