للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَذا مَنْ تَغطَّى عَقلُه بمُحرَّمٍ، كمُسكرٍ، فيَقضي؛ لأنَّ سُكرَهُ مَعصيةٌ، فلا يُناسِبُ إسقاطَ الواجِبِ عنه.

وكَذا تَجِبُ الصَّلواتُ الخَمسُ عن النَّائمِ، بمَعنى: يَجبُ عليه قَضاؤها إذا استيقَظَ؛ لحَديثِ: «مَنْ نَامَ عن صَلَاةٍ أو نَسيَهَا … »، ولو لم تَجِب عليه حالَ نَومِه لم يَجِب عليه قَضاؤُها، كالمَجنونِ، ومِثلُه السَّاهِي (١).

ج- البُلوغُ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ البُلوغَ شَرطٌ مِنْ شُروطِ وُجوبِ الصَّلاةِ، فلا تَجِبُ الصَّلاةُ على صَبِيٍّ ولا صَبِيَّةٍ لم يَبلُغا، ولا يَلزمُهما قَضاؤُها بعدَ البُلوغِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلاثةٍ: عن الصَّبِيِّ حتى يَبلُغَ … » الحَديثَ (٢)، ولأنَّنا لَو أَوجَبنا القَضاءَ شَقَّ ذلكَ؛ لأنَّ زَمنَ الصِّغَرِ يَطولُ، فعُفِيَ عنه.

لكِن يجبُ على وَلِيِّهِ أن يَأمُرَهُ بالصَّلاةِ إذا بَلغَ سَبعَ سَنواتٍ ويَضربُه على تَركِها إذا بَلغَ عَشرَ سَنواتٍ؛ لقولِ النَّبيِّ : «مُرُوا أَولَادَكُم بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبنَاءُ سَبعِ سِنِينَ، وَاضرِبُوهُم عليها وَهُمْ أَبنَاءُ عَشرٍ، وَفَرِّقُوا بينَهُم في المَضَاجِعِ» (٣)، وقد حَمَلَ جُمهورُ العُلماءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ الأَمرَ لِلوُجوبِ، وحَمَلَه المالِكيَّةُ على النَّدبِ (٤).


(١) «المغني» (١/ ٥٠٣، ٥٠٤)، و «الكافي» (١/ ٩٣)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٢٢، ٢٢٤)، و «المُبدع» (١/ ٣٠٠)، و «مطالب أولي النُّهى» (١/ ٢٧٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ تَخريجه.
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٩٥)، والدارقطني (١/ ٢٣٠)، والبيهقي (٢/ ٢٢٩).
(٤) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٣٤، ٢٣٥)، و «أحكام القرآن» للجصاص (١/ ٢٤٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ١٧٧)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ١٨٦)، و «المجموع» (٣/ ٧)، و «مُغني المحتاج» (١/ ١٣١)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٢٥)، و «المغني» (١/ ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>