للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه لا يُشترطُ تَقدمُ حَملٍ، فإذا نزَلَ للبِكرِ لَبنٌ فأرضَعَتْ به صَبيًّا تَعلَّقَ به التَّحريمُ؛ لإطلاقِ النصِّ، وهو قَولُه تعالَى: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، ولأنه لَبنُ امرأةٍ، فتَعلَّقَ به التَّحريمِ كما لو ثابَ بوَطءٍ، ولأنَّ ألبانَ النِّساءِ خُلقَتْ لغِذاءِ الأطفالِ، وإنْ كانَ هذا نادِرًا فجِنسُه مُعتادٌ (١).

رابعًا: أنْ تَكونَ المرأةُ حيَّةً (التَّحريمُ بلَبنِ المرأةِ الميتةِ):

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المَرأةَ إذا حُلبَ منها لَبنٌ في حَياتِها في إناءٍ ثم ماتَتْ وأُوجِرَ به الصبيُّ بعدَ مَوتِها أنه يَثبتُ به الحُرمةُ؛ لحُصولِ المَعنى المُوجبِ للحُرمةِ بهذا اللَّبنِ، ولا مُعتبَرَ بفعلِها في الإرضاعِ، ألَا تَرى أنها لو كانَتْ نائِمةً فارتَضعَ مِنْ ثَديها الصبيُّ تَثبتُ الحُرمةُ، وكذلكَ الإيجارُ لو حصَلَ في حَياتِها تَثبتُ الحُرمةُ، فكَذلكَ بعدَ مَوتِها.

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : ولا خِلافَ في أنه إذا حُلبَ لبنُها في حالِ حياتِها في إناءٍ فأُوجرَ به الصبيُّ بعدَ موتِها أنه يَثبتُ به الحُرمةُ (٢).


(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٨٣)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٨٣)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١٨٥)، و «اللباب» (٢/ ٦٧)، و «المدونة الكبرى» (٥/ ٤١٠)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٢٢٠)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٤٢٤)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٧٦، ١٧٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤٦٧، ٤٦٨)، و «المهذب» (٢/ ١٥٧)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٢٠٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ١٣١)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ١١٠، ١١١)، و «المغني» (٨/ ١٤٤)، و «الكافي» (٣/ ٣٤٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٤/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>