للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالثةُ: أن يُدرِكَ معه أقَلَّ مِنْ رَكعةٍ، فذهَبَ جُمهورُ العُلماءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلَةُ إلى أنَّه يَلزمُه الإِتمامُ.

وقالَ الإمامُ مالِكٌ: له القَصرُ، ولا يَلزمُه الإِتمامُ؛ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ أَدركَ مِنْ الصَّلاةِ رَكعَةً، فقد أَدركَ الصَّلاةَ» (١)، ولأنَّ مَنْ أَدركَ مِنْ الجمُعةِ رَكعةً أتَمَّها جمُعةً، ومَن أَدركَ أقَلَّ مِنْ ذلك، لا يَلزمُه فَرضُها، بل يُصلِّي أربَعًا (٢).

اقتِداءُ المُسافرِ بمَن يَشُكُّ في أمرِه أهو مُسافِرٌ أم مُقيمٌ؟

قالَ الشافِعيةُ والحَنابلَةُ: إذا أَحرمَ المُسافِرُ خلفَ مَنْ يَغلِبُ على ظَنِّه أنَّه مُقيمٌ، أو أنَّه يَشكُّ هل هو مُقيمٌ أو مُسافِرٌ؟ لزِمَه الإِتمامُ، وإن قصَرَ إمامُه؛ لأنَّ الأصلَ وُجوبُ الصَّلاةِ تامَّةً، فليسَ له نِيةُ قَصرِها مع الشَّكِّ في وُجوبِ إِتمامِها، ويَلزمُه إِتمامُها اعتِبارًا بالنِّيةِ، وإن غلَبَ على ظَنِّه أنَّ الإمامَ مُسافِرٌ لرُؤيةِ حِليةِ المُسافِرينَ عليه وآثارِ السَّفرِ، فله أن يَنوِيَ القَصرَ، فإن قصَرَ إمامُه قصَرَ معه، وإن أتَمَّ لزِمَه مُتابَعتُه، وإن نَوى الإِتمامَ لزِمَه الإِتمامُ، سَواءٌ قصَرَ إمامُه أو أتَمَّ، اعتِبارًا بالنِّيةِ (٣).


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّمَ.
(٢) «تُحفة الفُقَهاء» (١/ ١٥٢)، و «الفُروق» للكرابيسي (١/ ٥٢، ٥٣)، و «الاختيار» (١/ ٨٦)، و «الدُّر المختار» (٢/ ١٣٠)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٣٦)، و «الشرح الكبير» (١/ ٣٦٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣١٧)، و «منح الجليل» (١/ ٤١١)، و «المجموع» (٥/ ٤٦٢)، و «المغني» (٢/ ٥٢٢، ٥٢٤).
(٣) «المجموع» (٥/ ٤٦٠، ٤٦١)، و «المغني» (٢/ ٥٢٤، ٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>