للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأيِّ شَيءٍ يَحصُلُ الإِيجابُ؟

يَحصلُ الإِيجابُ إمَّا باللَّفظِ (وهو إمَّا صَريحٌ أو كِنايةٌ) وإمَّا بالمُعاطاةِ وإمَّا بما يَدلُّ عليه عُرفًا، وفي هذا خِلافٌ وتَفصيلٌ بينَ المَذاهبِ، فالشافِعيةُ يَشتَرِطون اللَّفظَ من القادِرِ عليه في الإِيجابِ وكذا في القَبولِ، ولا تَصحُّ عندَهم الهِبةُ بالمُعاطاةِ، وتَصحُّ في الهَديةِ والصَّدقةِ على الصَّحيحِ في المَذهبِ.

والحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابِلةُ يُصحِّحون الهِبةَ باللَّفظِ والمُعاطاةِ وكذا ما يَدلُّ عليها، كما نَصَّ على ذلك الحَنابِلةُ.

قالَ الحَنفيةُ: الإِيجابُ رُكنٌ من الواهِبِ، وهو أنْ يَقولَ: «وهَبتُ هذا الشَّيءَ لك، أو ملَكتُه منكَ، أو جعَلتُه لك، أو هو لك، أو أعطَيتُه أو نحَلتُه، أو أهدَيتُه إليكَ، أو أطعَمتُك هذا الطَّعامَ أو حَملتُك على هذه الدَّابةِ»، ونَوَى به الهِبةَ.

أمَّا قَولُه: «وهَبتُ لك» فصَريحٌ في البابِ، وقَولُه: «ملَكتُك» يَجري مَجرى الصَّريحِ أيضًا؛ لأنَّ تَمليكَ العَينِ للحالِ من غيرِ عِوضٍ هو تَفسيرُ الهِبةِ، وكذا قَولُه: «جعَلتُ هذا الشَّيءَ لك»، وقَولُه: «هو لك»؛ لأن اللَّامَ المُضافةَ إلى مَنْ هو أهلٌ للمِلكِ للتَّمليكِ، فكانَ تَمليكُ العَينِ في الحالِ من غيرِ عِوضٍ، وهو مَعنى الهِبةِ، وكذا قَولُه: «أعطَيتُك»؛ لأنَّ العَطيةَ المُضافةَ إلى العَينِ في عُرفِ الناسِ هي تَمليكُها للحالِ من غيرِ عِوضٍ، وهذا مَعنى الهِبةِ، وكذا يُستعمَلُ الإِعطاءُ استِعمالَ الهِبةِ، يُقالُ: «أَعطاك اللهُ كذا

<<  <  ج: ص:  >  >>