للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إنْ كانَت بغيرِ مُعاوضةٍ، كهِبتِه لبَعضِ مالِه وصَدقةٍ فلا تَصحُّ ولو أذِنَ فيها الوَليُّ (١).

وذهَبَ الحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى صِحةِ هِبتِه قِياسًا على صِحةِ إِبرائِه.

قالَ المَرداويُّ : وظاهِرُه أنَّ هِبةَ الصَّبيِّ لا تَصحُّ ولو كانَ مُميِّزًا، وهو صَحيحٌ، وهو المَذهبُ، نَصَّ عليه، وعليه الأَصحابُ.

وسُئلَ الإمامُ أحمدُ : مَتى تَصحُّ هِبةُ الغُلامِ؟ قالَ: ليسَ فيه اختِلافٌ إذا احتلَمَ أو يَصيرُ ابنَ خَمسَ عَشرةَ سَنةً.

وذكَرَ بعضُ الأَصحابِ رِوايةً في صِحةِ إِبرائِه، فالهِبةُ مِثلُه (٢).

هِبةُ الأبِ من مالِ ابنِه الصَّغيرِ:

هِبةُ الأبِ من مالِ ابنِه إمَّا أنْ تَكونَ بغيرِ ثَوابٍ وإمَّا أنْ تَكونَ بثَوابٍ.

الحالةُ الأُولى: أنْ تَكونَ الهِبةُ بغيرِ ثَوابٍ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّه لا يَجوزُ للأبِ أو للوَصيِّ أنْ يَهبَ من مالِ ابنِه الصَّغيرِ شَيئًا من غيرِ شَرطِ العِوضِ؛ لأنَّ المُتبرعَ بمالِ الصَّغيرِ قُربانُ مالِه لا على وَجهِ الأحسَنِ، ولأنَّه لا يُقابلُه نَفعٌ دُنيويٌّ، وقد قالَ اللهُ تَعالى عزَّ شأنُه: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٢]، ولأنَّه إذا لم يُقابِلْه عِوضٌ دُنيويٌّ كانَ التَّبرعُ ضَررًا مَحضًا وتُرِكت المَرحمةُ


(١) «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي» (٧/ ٣٤٨، ٣٤٩)، وقد سبَقتِ المَسألةُ بتَمامِها في بابِ الحجرِ في حُكمِ تَصرفاتِ الصَّغيرِ.
(٢) «الإنصاف» (٥/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>